المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جبحـثالتسجيلدخول

 

 "ثمرات الجهاد"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

"ثمرات الجهاد" Empty
مُساهمةموضوع: "ثمرات الجهاد"   "ثمرات الجهاد" I_icon_minitimeالإثنين يوليو 03, 2023 3:01 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،، 
افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (397)
الخميس 11 ذي الحجة 1444 هـ
***


"ثمرات الجهاد"


يخطئ مَن يظن أنَّ ثمرات الجهاد تنحصر في التمكين في الأرض، وإنْ كان ذلك من أعظم غايات الجهاد التي بها يصلح أمر الدين والدنيا معا، لكن مِن حكمة الله تعالى أنْ جعل الجهاد سبيلا للفوز والخير حتى لو تأخّر النصر، فالمجاهد في تجارة رابحة لا كساد فيها سواء حاز التمكين أم فاته.


وليس هذا تهوينا من قدر التمكين ولا تقليلا من شأن السعي الحثيث في تحقيقه، فإن الجهاد لم يحظَ بهذه المنزلة إلا لكونه سبيل التمكين الذي به تُصان الملة ويسود الإسلام، ويؤيد ذلك قول ابن دقيق العيد: "الجهاد أفضل الأعمال؛ لأنه وسيلة إلى إعلان الدين ونشره، وإخماد الكفر ودحضه، ففضيلته بحسب فضيلة ذلك" [فتح الباري]


وإنما حديثنا عن ثمرات الجهاد هدفه؛ تنبيه مَن يقيّم الجهاد بالنصر، فإن تأخر النصر تأخر عن الركب وحاد عن الطريق، وهدفه أيضا: تذكير من يلتحق بالمجاهدين بعد الفتح فإن عادت الأحزاب عاد أدراجه ونكث غزله، كما إن فيه تسلية للمجاهدين القابضين على الجمر؛ بأنّ الله سبحانه وعدَكم بالأجر على الجهاد لا على النصر؛ فمنكم الجهاد، والنصر من عند الله تعالى.


فأجر الجهاد لا يتوقف على تحقيق النصر من عدمه، بل هو متحقق للمجاهد على كل حال، بشرط صحة القصد بأن يكون جهاده خالصا لله تعالى، وصحة التطبيق بأن يوافق هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وطريقته المثلى، وهو الجهاد الذي دلَنا عليه سبحانه بنفسه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، فكانت هذه التجارة هي "الإيمان والجهاد"، ومثله قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سُئِلَ: "أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ فَقالَ: (إيمَانٌ باللهِ ورَسولِهِ)، قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: (الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ)". [متفق عليه]


وقد بيّن الإمام البغوي وجه التشبيه بالتجارة في الآية، فقال: "وجعل ذلك بمنزلة التجارة؛ لأنهم يربحون بها رضا الله ونيل جنته والنجاة من النار" فأي تجارة أعظم من هذه؟ وأي ربح أكبر من ذلك؟! بل ليس هذا فحسب بل قال سبحانه: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، قال ابن كثير: "أي: إن فعلتم ما أمرتُكم به ودللتكم عليه -من الإيمان والجهاد-؛ غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات". وكل هذا الأجر متحقق للمجاهد في سبيل الله تعالى، بثباته على عبادة الجهاد سواء حاز نصرا وتمكينا أو بات طاويا وأصبح طريدا وأضحى صريعا؛ ما دام أنه في سبيل الله تعالى نصرة لدينه وإقامة لشرعه.


كما تأتي في مقدمة ثمرات الجهاد؛ حفظ عقيدة المسلمين من الانحراف والتبديل الذي يسعى إليه الكافرون دوما وأبدا، كما أخبر تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، فبيَّن اللهُ أنَّ الكافرين مستمرون في قتال المسلمين، وليس غايتهم من ذلك مجرد قتلهم أو سلب خيراتهم فقط، بل غايتهم أخبث وأخطر وهي ردُّهم عن دينهم ليكونوا سواء في الكفر، ولا شك أنَّ هذا القتال يُدفع بالقتال أيضا.


ومن ثمرات الجهاد فضح المنافقين المندسين بين صفوف المسلمين، وإظهار حقيقتهم والتحذير منهم، فهؤلاء لا سبيل لكشفهم إلا بالجهاد في سبيل الله، ولذلك نجد أن ذكر القرآن للمنافقين يأتي مع ذكر الجهاد وأحوال المجاهدين، فالجهاد يكشف مؤامرات أعداء الإسلام الداخلية والخارجية، فيرى المجاهدون بأمّ أعينهم ما يخفى على عامة الأمة، فهذا الحاكم الذي ينشئ دور القرآن ويفتتح المساجد والمعاهد الشرعية هو نفسه مَن يوالي اليهود والنصارى ويعقد التحالفات معهم لحرب المجاهدين، وذلك الحزب الذي يدّعي الدعوة وينادي بالجهاد هو ذاته الحزب الذي ميّع الدعوة وعطّل الجهاد، وذلك الشيخ الذي يعتلي المنابر ليتحدث عن التوحيد هو نفسه الذي أفتى بقتال المجاهدين وأجاز التحالف مع الكافرين! فالجهاد هو الذي يفرّق بين سبيل المؤمنين وسبل المجرمين، وهو الذي يكشف الفرق بين الدعاة العاملين ودعاة الطواغيت المرتدين، وبذلك يبين للمسلمين الفرق بين أولياء الله وأولياء الشيطان، فأيّ سبيل يكشف كل ذلك إلا الجهاد في سبيل الله.


ومن ثمرات الجهاد أيضا أن تعرف الأمة سبيل عزها وخلاصها مِن نكبتها وذلها، فتوقظ أخبار الجهاد الغافلين من غفلتهم، وتهدي الحيارى إلى وجهتهم، فيلتحقوا بسبيل الرشاد ويثبوا إلى ساحات الجهاد.


ومن ثمرات الجهاد إظهار ضعف جيوش الكافرين برغم ما يمتلكونه من عدد وعتاد، وأنهم ليسوا كما يصوّرون أنفسهم في الإعلام، فما أكثر ما فتك بهم المجاهدون مع قلتهم وضعف إمكانياتهم، فالجهاد يعرّف المسلمين بمصدر قوتهم ويرفع معنوياتهم، ويزيل عقد الاستضعاف والوهن الذي رسّخه فيهم الطواغيت ودعاتهم على مدار سنوات طويلة.


ولنا في تاريخ المسلمين عبرة، فمعظم المعارك التي انتصر فيها المسلمون كانت جيوش الكفر تفوقهم أضعافا مضاعفة، وهو ما يتكرر اليوم من اجتماع الجيوش المجيّشة لحرب الدولة الإسلامية ومع ذلك فشلوا جميعا في القضاء عليها، بل فشلوا في وقف تمددها -بفضل الله تعالى- وما زالت تقاتل جيوش الكفر في كل مكان وصلت إليه.


وبالمحصلة، فثمرات الجهاد على كثرتها لا تخرج عن ثمرات في الدنيا قد يدركها المجاهد وقد يُقتل دونها كالنصر والتمكين، فإنْ أدركها فقد ظفر وإنْ قُتل دونها فقد فاز، وثمرات في الآخرة يدركها المجاهد بدخوله جنات النعيم المقيم، فالمجاهد في ذروة السنام في الدنيا، وفي أعلى الدرجات في الآخرة، فهو في شرف عاجل وآجل يتقلب بين إحدى الحسنيين، ومآل الجهاد خير كله في الدارين، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"ثمرات الجهاد"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» " الجهاد الجهاد يا أهل الحبشة "
» || من مقاصد الجهاد ||
» كواسر الجهاد (4)
» " السكينةُ في الجهاد"
»  كواسر الجهاد (1) الانغماس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: