السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،،
افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (365)
الخميس 23 ربيع الآخر 1444هـ
***
موزمبيق وبركة الخلافة
كان تمدد الدولة الإسلامية إلى موزمبيق على الشواطئ الشرقية جنوب إفريقية، حدثا مفاجئا أذهل التحالف الصليبي العالمي الذي تشكّل لمحاربة دولة الخلافة، وأثبت فشله في وقف انتشار دعوتها وجهادها، كما حيّر التمدد كثيرا من "الإسلاميين" الذين اعتادوا أن يبقى الإسلام حبيساً داخل حدود مغلقة، وأن تبقى اهتماماتهم محصورة في قضايا معيّنة يختارها لهم طواغيت اليهود والنصارى بدقّة.
في البداية حاول الصليبيون والمرتدون أن يصوّروا الحدث على أنه مجرد "محاولة إعلامية" من قبل الدولة الإسلامية للتغطية على محنة العراق والشام، والتي بالمناسبة لا تستحي الدولة الإسلامية من ذكرها، فما أحدٌ جاء بمثل ما جاءت به إلا عودي، وترى فيها وسام شرف على جبين كلّ جندي من جنودها، ورثوه عن نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ إلا أن اشتعال جذوة الجهاد في موزمبيق بدّد هذه الأوهام، خصوصا بعد هجمات (بالما) و(موسيمبوا دا برايا) والتي ما زالت تبعاتها الاقتصادية والأمنية تخيّم على البلاد رغم مرور سنوات عليها، حيث ظنّ الصليبيون أنها موجة عابرة، ولكن سرعان ما ساءت ظنونهم كما ساءت تقديراتهم، واتضح أنها لم تكن سوى البداية، فقد أصبح الجهاد في موزمبيق واقعا مستمرا يصعب تغييره -بفضل الله تعالى-.
وبنظرة موجزة على أحوال الجهاد في ولاية موزمبيق، نجد أن المجاهدين سارعوا من وتيرة هجماتهم في معظم مناطق (كابو ديلغادو) وحوّلوها إلى ساحة حرب يضربون فيها حيث أرادوا، وينتقون الأهداف العسكرية أو الاقتصادية أنى شاؤوا، ويتنقلون بين شمالها وجنوبها في سرعة وحركة دائمة أنهكت جيوش الصليبيين وشتّت حملاتهم.
فتارة يهاجم المجاهدون الثكنات والحاميات العسكرية للقوات الموزمبيقية وحلفائهم الأفارقة الذين اضطروا إلى "تمديد انتشار" قواتهم أكثر من مرة بعد فشلهم في تحقيق أهدافهم، وباتوا يتحدثون عن "التحديات المالية" التي تواجه بعثاتهم العسكرية العالقة تحت نيران أسود الخلافة في أدغال موزمبيق.
وتارة يهاجم المجاهدون التجمعات النصرانية، فيحرقون قراهم وكنائسهم ويشردون بهم مَن خلفهم، فصار قطع رأس نصراني واحد في قرية كافيا لتشريد مئات النصارى في القرى المجاورة، وأصبح النصارى يهربون من القرى الساحلية إلى القرى الداخلية، ومنها إلى مراكز المدن والبلدات وكل ذلك بحثا عن الأمن المفقود، وبات التشريد والرعب يلاحقهم حيثما حلوا ونزلوا، بعد أن غدت كل البلدات والقرى في دائرة التهديد الذي لا سبيل لوقفه عنهم إلا بالإسلام أو الجزية امتثالا لشريعة الإسلام.
ومؤخرا، لجأت الحكومة الموزمبيقية إلى دعم وتجنيد ميليشيات محلية تتولى الدفاع عن القرى والتجمعات النصرانية في مؤشر واضح على فشل القوات الحكومية النظامية، وما إنْ بدأت هذه الميليشيات تتجمع في بعض القرى؛ حتى أصابهم ما أصاب أسيادهم من الخسائر، وصاروا يناشدون بحاجتهم إلى الدعم الحكومي لمواجهة الإرهاب! فصارت القوات الموزمبيقية والميليشيات المحلية ومِن خلفهم القوات الإفريقية (سادك)، كلهم يحتاج إلى من يدعمهم للتصدي لتمدد الدولة الإسلامية!
ومن الحرب العسكرية إلى الاقتصادية، حيث بات جنود الخلافة في موزمبيق اليوم يهددون التجارة العالمية ممثلة بمشاريع الغاز التي تديرها شركات صليبية ضخمة، اضطرت على وقع الهجمات إلى "تعليق أعمالها" أو "تقليصها"، وأحسنها حالا أصبحت تشترط لمواصلة نشاطها؛ توفير تدابير أمنية خاصة لحمايتها، مما فاقم الخلافات بين هذه الشركات والحكومة الموزمبيقية والتي طغى على خطابات مسؤوليها لهجة التسوّل والاستجداء لهذه الشركات الصليبية من أجل البقاء، وباتوا يصرحون ويصارحون بأن "هذه الهجمات لن تتوقف، وأن الحياة يجب أن تستمر" فانتقلوا صاغرين من وهم "القضاء على الإرهاب" إلى استراتيجيات "التعايش" معه ! وأنّى لهم ذلك، فالحرب الدائرة بينهم وبين المجاهدين حرب وجود.
وبينما لم يلتقط الصليبيون أنفاسهم بعد مِن أزمة تهديد قطاع الغاز المسروق، حتى باغتهم المجاهدون بالتمدد جنوبا نحو مهاجمة قطاع التعدين، وأجبروا كبرى شركات التعدين على إعادة النظر في أنشطتها، فزادوا بذلك ضريبة الاستنزاف الاقتصادي للحكومة الموزمبيقية والتي لم تعد تدري من أين تتلقى الضربات؟، بل بلغ الرعب والقلق بالصليبيين منتهاه حين بدؤوا يتحدثون لأول مرة عن مخاطر "جهادٍ بحري" يُهدد جزءا من سواحل موزمبيق وتنزانيا ومناطقها الحدودية، إنهم يتحدثون عن مخاوف ومخاطر وتهديدات دون الحديث عن أي حلول، لأنه لا حلول -بإذن الله تعالى-.
أمام هذا التمدد السريع والكبير للمجاهدين، عكف قادة الحكومة الموزمبيقية مؤخرا بالتعاون مع بعض المرتدين، على تحذير السكان من خطر "الانضمام" إلى المجاهدين، وتحدثت تقارير صليبية عديدة عن تزايد إقبال الشباب المسلم على الالتحاق بصفوف المجاهدين من موزمبيق ودول مجاورة، وكعادتهم بدأ دعاة الردة الذين لا تخلو منهم بلد، يتحدثون عن ضرورة "تصميم برامج تهدف إلى محاربة العقيدة" وعدم الاكتفاء بالمواجهة العسكرية.
شرعيا، ما يجري في موزمبيق هو -بفضل الله تعالى- ثمرة من ثمرات إقامة دولة الخلافة، والاجتماع على منهاج واحد واضح، تحت راية واحدة واضحة، تقاتل بعقيدة واحدة واضحة، هي ما عليه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضوان الله عليهم-.
وفي ذلك رسالة إلى جموع المسلمين القاعدين عن الجهاد، المتخلفين عن درب الهدى السالكين دروب الهوى، أن الجهاد اليوم يتسابق على اللحاق برايته المسلمون الأعاجم الذين يقطنون أقاصي الأرض، يتنافسون على نصرته وإرداف ساحاته بالجنود والكوادر، ويبذلون له الغالي والرخيص، بينما يتقاعس المسلمون الناطقون بالعربية عن ذلك، فليحذر هؤلاء المساكين من سُنّة الاستبدال فإنها ماضية لا محالة.
إنّ جيلا إيمانيا جديدا ينشأ في موزمبيق وغيرها من الولايات الإفريقية، لم تتلوث فطرته بالمناهج المنحرفة، ولم يتتلمذ على أيدي دعاة السوء، ولم يؤطّر في سراديب الحركات المرتدة، بل يجري إعداده -وحسب- على منهاج النبوة الذي اجتمع على حربه تحالفٌ عالميٌّ لم يسبق له مثيل في التاريخ، هرع مسرعا يحاول عبثا إيقاف تمدّد هذه الدولة المباركة في العراق والشام، فأمدّها الله بمدد من عنده، وأوصل طلائعها إلى حيث لم يحتسبوا، وما زالت تصول وتجول وتشقّ طريقها إلى أبعد ما يظنون، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد : موقع إعلام