المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 حُسن العشرة بين المسلمين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

حُسن العشرة بين المسلمين Empty
مُساهمةموضوع: حُسن العشرة بين المسلمين   حُسن العشرة بين المسلمين I_icon_minitimeالأحد أغسطس 14, 2022 5:20 pm

بسـم الله الرحمـن الرحيـم 
***


حُسن العشرة بين المسلمين


خلق اللهُ سبحانه وتعالى الخلْق مِن نفس واحدة هو آدم -عليه السلام-، وجعلهم على ملة واحدة هي الإسلام وأبطل ما سواه مِن الأديان، وحدّد الله تعالى للمسلمين شكل العلاقة فيما بينهم، فأمر أن تقوم على حسن المعاشرة والمعاملة، فهي مِن مكارم الأخلاق التي بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- لإتمامها، والتي لا بدّ للمسلم أن يتحلى بها في علاقاته ومعاملاته مع سائر إخوانه، فبها تلين قلوبهم، وتقوى علائقهم فيما بينهم، فتكون عونًا لهم على مواصلة طريق الإيمان، كما قال ابن حزم في رسائله: "مَن طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق: مِن أهل المواساة والبر والصدق وكرم العشرة، والصبر والوفاء والأمانة والحلم، وصفاء الضمائر وصحة المودة".




حثّ الإسلام على حسن العشرة


ولو تأملنا كتاب ربنا -سبحانه وتعالى- وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، لوجدنا الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث المسلمين على حسن العشرة فيما بينهم بالأقوال والأفعال، ومِن ذلك قوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} [الإسراء]، قال ابن كثير: "يأمر تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنهم إذ لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة" [تفسير ابن كثير].


وشمل الخطاب بحسن العشرة بين المسلمين كل جوانب الحياة، الخاصة منها والعامة، وخصوصا الوالدين، فقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُوراً} [النساء].


وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ ولا يحقره، التقوى ها هنا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَثَ مَرَّاتٍ-، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضِه).


بل إن الله تعالى أمر بحسن العشرة بين المسلمين في أدق تفاصيل حياتهم على صعيد البيت والأسرة، فأمر بحسن معاشرة الزوج لزوجته، فقال سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء]، قال ابن كثير: "أَيْ: طيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وحَسّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُم لأهْلي)، وَكَانَ مِنْ أَخْلَاقِهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ جَمِيل العِشْرَة دَائِمُ البِشْرِ، يُداعِبُ أهلَه، ويَتَلَطَّفُ بِهِمْ، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته، ويُضاحِك نساءَه" [تفسير ابن كثير].




خُلق النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته


ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مع علوّ قدره ورفعة منزلته عند الله تعالى؛ حسن العشرة مع أصحابه وأهله وسائر المسلمين، وقد مدحه الله على ذلك فقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران]، قال أهل التفسير: "أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك".


وقد أمرنا الله تعالى بالاقتداء به والتأسي بهديه -صلى الله عليه وسلم-، وكان من حسن عشرته ما قاله ابن القيم -رحمه الله- واصفا إيّاه: "كان -صلى الله عليه وسلم- يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء!، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- هيّن المؤونة، لين الخلق، كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاما متواضعا من غير ذلة، جوادا من غير سرف، رقيق القلب، رحيما بكل مسلم، خافض الجناح للمؤمنين، ليّن الجانب لهم" [مدارج السالكين].


ولقد فقه الصحابة أهمية حسن العشرة بين المسلمين، دون ارتباط بنسب أو مال أو مصلحة، فضربوا أروع الأمثلة في ذلك، فهذا الصحابي الجليل سعد بن الربيع لمّا آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، كان مِن حسن عشرته مع أخيه عجبًا، إذْ قدّم له نصف ماله بل وأن يختار إحدى زوجتيه إنْ أراد ذلك، فعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِك" [البخاري].




ثمار حسن العشرة


وإن لحسن العشرة بين المسلمين فضائل وثمارا في الدنيا والآخرة، فهو من أسباب قوة المسلمين وترابطهم، لما يحققه ذلك من التئام الصف ووحدة الكلمة، فيصيرون بذلك صفا واحدا لا عداوة بينهم ولا بغضاء، ولا تدابر ولا شحناء، كما إنه مِن أسباب وضع القَبول للعبد بين الناس، فإن طبائع الناس تميل لمن كان حسن العشرة ليّن الجانب، وفي المقابل تنفر وتنفضّ ممن كان غليظا قاسيا سيئ المعاملة.


أما في الآخرة فإن حسن العشرة يكون سببًا في تجاوز الله عن العبد يوم القيامة، كما في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى مُعسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه؛ لعلَّ الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه) [رواه البخاري]، ويكون سببًا في رحمة الله للعبد، كما في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (رحِم الله رجلًا سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى).


فإذا أيقنت أخي المسلم ما تقدّم الحديث عنه، كان لزامًا عليك أن تسير على ما سار عليه الكرام الأولون، النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والتابعون، فانهل من بحر أخلاقهم وطيب خصالهم، واحرص على حسن العشرة للمسلمين، واحفظ حقوقهم، فالدين إمّا حقوق لله تعالى، وإما حقوق لعباده، فعن أبي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادةَ، وأبي عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذِ بْنِ جبلٍ -رضيَ اللَّه عنهما- عنْ رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: (اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ) [رواهُ التِّرْمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ]، قَالَ ابن رجب -رحمه الله-: "وقوله -صلى الله عليه وسلم- (وخالق الناس بخلق حسن)، هذا من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفرده -صلى الله عليه وسلم- بالذكر للحاجة إلى بيانه، فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده!، فنصَّ -صلى الله عليه وسلم- له على الأمر بإحسان العشرة للناس". [جامع العلوم والحكم]


ولا شك أن ذلك في حقّ المجاهدين آكد، فإنه لا سبيل لإدراك المعالي إلا بالتواضع والتداني للمسلمين والإحسان إليهم، فبذلك تسوسهم وتقودهم إلى صلاح دينهم ودنياهم، وهو من أهم أسباب النصر والتوفيق، فائتوا منه ما استطعتم، وسلوا الله تعالى العون والصبر على ذلك، فإنه سبحانه خير معين، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ - العدد (351)
التفريغ من إعداد : مؤسسة الخير الإعلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حُسن العشرة بين المسلمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» " أوجه الحياء العشرة "
» "مواساة المسلمين"
» "عاشوراء يوم المسلمين"
» مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين
» " إدخال السرور على المسلمين "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: