المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 منازل الآخرة (1) أول المنازل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

منازل الآخرة (1) أول المنازل Empty
مُساهمةموضوع: منازل الآخرة (1) أول المنازل   منازل الآخرة (1) أول المنازل I_icon_minitimeالسبت أبريل 20, 2024 5:22 am

بسم الله الرحمن الرحيم
***


منازل الآخرة (1) 
أول المنازل




الحمد لله مالك يوم الدين، الذي جعل الجنة دارا للمتقين والنار جزاء للكافرين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.


فما أحسن التطواف على أخبار الغيب أيام رمضان ليخرج المرء من عالمه إلى عالم آخر، هو الحقيقة والمآل فيشمر بعمله الصالح لعله يكون من الفائزين في مراحل ومنازل الآخرة كلها، وسنأتي على ذكر بعض منازل الآخرة في سلسلة وعظية نتذاكر فيها تلك المنازل التي تنتظرنا جميعا، إن شاء الله تعالى.




القبر أول المنازل


يا حسرة الغافلين عما ورائهم من الحساب والأهوال، وما أشد سكرة اللاهين عن الدار الآخرة وما فيها من القوارع والوقائع، وما أقل اعتبار الساهين بالقبر وظلماته، إن القلوب إن لم تتذكّر الآخرة غرقت في بحر الغفلة ثم ماتت، وكيف لا؟ وقد أغراها طول الأمل، وشغلتها السفاسف والكسل، فلا تشمير ولا عمل.


وما يحيي القلوب أكثر من القرآن بآياته الزاجرة المخوّفة، قال الله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق]، ثم ذكر الآخرة والموت، وانقطاع اللذات الفوت، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) يعني: الموت [النسائي].


ذلكم الموت الذي دهم الملوك في قصورها، وهجم على المترفين في بروجها، ولم يفرق بين صغير وكبير ولا بين أمير ووزير ولا بين عظيم وحقير، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وكتب الله الفناء لكل مخلوق، قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن]، فلا بقاء لك أيها الإنسان، وإن تأخر ملك الموت اليوم فلن تفلت منه غدا، فإنك من تراب وإلى التراب صائر، قال الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ} [طه]، ولك يوم تزور فيه القبر لا محالة قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر]، قال ابن كثير: “يقول تعالى: شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر، وصرتم من أهلها؟!” [التفسير].


فما أعددت لها؟! ألم يأتك ما يزجر غفلتك؟ ويكدّر شهوتك؟ ويزيل غشاوة قلبك وبصرك؟! إنك لم تخلق عبثا ولن تترك سدى، بل إن لك موعدا لن تُخلفه وأجلا لن تتعداه وموقفا طويلا في انتظارك، قال الباري سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، وقال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ}.


فاحذر يا عبد الله أن تقول: قد عشت كذا وكذا ولعلي أعيش كذا وكذا، وسأتوب وسأعود وسأدرك رمضان ورمضان وسأفعل وأفعل، فتُحبس في قيود الأماني، حتى يفجؤك الموت.


اعلم أخي أن الموت يأتي بغتة، ولا إنذار قبله ولا إخبار ولا إخطار، فالموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل، فهل من تشمير وعمل كثير؟ واجتهاد في ساعات العمر وأيام الطاعة؟! فتلك الفرصة لإدراك ما فات وتعويض التقصير، فالنجاء النجاء.


ومن كان دائم الذكر للموت والآخرة فلن يزال متحفّزا للعمل الصالح، وسنأخذ في بعض منازل الآخرة بغية ذكر تلك الأهوال؛ لتكون لنا خيرَ محفّز للاستعداد للقاء الله عز وجل..




إذا بلغت الحلقوم


إن الإنسان إذا حان أجله، وانتهى رزقه من هذه الدنيا، توجه إليه ملك الموت ليقبض روحه في الساعة المحددة، يحددها العليم الخبير سبحانه، فلا تأخّر ولا تقدّم، قال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة].


وقال الله تعالى يبين تلك الحال الشديدة التي هي أول الفراق لدار الدنيا: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} قال ابن كثير: "{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ} أي: الروح {الْحُلْقُومَ} أي: الحلق، وذلك حين الاحتضار كما قال تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} ولهذا قال هاهنا: {وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} أي: إلى المحتضر وما يُكابده من سكرات الموت، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ} أي: بملائكتنا {وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ} أي: ولكن لا ترونهم" [التفسير].


وتبدأ السكرات، سكرات الموت، وما أشدها، تلك السكرات التي يغشى على الإنسان فيها ويفيق فلا هو في الدنيا ولا هو في الآخرة، قال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} قال ابن كثير: "يقول تعالى: وجاءت -أيها الإنسان- سكرة الموت بالحق، أي: كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه، {ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} أي: هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك، فلا محيد ولا مناص، ولا فكاك ولا خلاص" [التفسير].


ولحظة الاحتضار تكون على ما عاش عليه المرء فمن عاش طائعا مات على طاعته ومن عاش عاصيا مات على معصيته ومن عاش كافرا مات على كفره إلا من أراد الله له تبدّل حال في آخر عُمُره، وقد ذكر لنا ربنا جل وعلا حال المحتضرين فقال: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة].


هذا المؤمن الذي يختم حياته بشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


وقد وصف لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يجري في تلك اللحظات، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت -عليه السلام- حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان. "قال:" فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِيّ السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض) [أحمد].


وهذا ما ذكر الله في قوله تعالى: {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا}، قال البغوي: "هم الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلونها سلا رفيقًا، ثم يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشيء في الماء يرفق به". [التفسير]


وهذه حال المؤمن في احتضاره، وأما المنافق والكافر فقد وقع عليه شر ما رأى، قال الله تعالى: {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}، قال ابن كثير: "أي: وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى، {فَنُزُلٌ} أي: فضيافة {مِّنْ حَمِيمٍ} وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} أي: وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته" [التفسير]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب." قال:" فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة) [أحمد]


وهو ما جاء في قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} قال الطبري: “عن سعيد، في قوله: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) قال: نزعت أرواحهم، ثم غرقت، ثم قذف بها في النار”. [التفسير]، وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}، ولهم حال سيّئ آخر كما قال الله: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}، والعياذ بالله.


وما يكون في هذا الحال فهو حق واقع يجب على المؤمن أن يعدّ له عدته، قال تعالى: {إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} قال ابن كثير: "أي: إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه، ولا محيد لأحد عنه". [التفسير]




فتنة القبر


وبعد أن تؤخذ الروح من الجسد تصعد بها الملائكة إلى السماء، وشتان بين روح المؤمن وروح الكافر، فأما المؤمن فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فيصعدون بها، فلا يمرون -يعني بها- على ملأ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فتعاد روحه في جسده) وأما روح الكافر، فبئس مرتقاها وبئس متردّاها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا. ثم قرأ: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}، فتعاد روحه في جسده) [أحمد].


فتأتي الأرواح إلى الأجساد في القبور لتلقى أول منازل الآخرة القبر، وما أدراك ما القبر وفتنته، هناك بين اللحود وتحت التراب خبر لكل إنسان أول ما يُدفن، يأتيه ملكان عظيمان، فما حال ابن آدم معهما؟، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة) [أحمد]، وينجو في هذه المنزلة الأولى.


وأما الآخر فحاله أخرى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين) [البخاري]، فنعوذ بالله من هذا الحال، تلك صيحته التي تخلع قلوب البهائم والدواب والتي لو سمعها الناس لصعقوا ولما طاب لهم عيش، ولكن الله يبتلي عباده بإيمانهم بالغيب.




عذاب القبر


وهذا عذاب القبر حق كائن لا شك فيه ويشهد لذلك أدلة عديدة تبين لنا أحداثا وأمورا تقع في القبر ومرحلة البرزخ.


وقد ذكر الله حال فرعون وجنده فقال: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} قال الطبري: "إنهم لما هلكوا وغرقهم الله، جعلت أرواحهم في أجواف طير سود، فهي تعرض على النار كلّ يوم مرتين (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) إلى أن تقوم الساعة". [التفسير]


والمنافق والكافر يُضيّق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه) [أحمد]، وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- عذاب من يمشي بالنميمة ومن لا يتنزه من بوله، جاء في الصحيحين في القبرين الذين مر بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع عليهما أعواد خضرا ثم قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)، وآكل الربا يعذب في قبره وإن مات مؤمنا، فقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث طويل أنه مر بعدد ممن يعذب في قبورهم ومنهم آكل الربا حيث قال: (فانطلقنا فأتينا على نهر -حسبت أنه كان يقول- أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا فينطلق يسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرا) [البخاري]، وكذلك الزناة والزواني، قال عليه الصلاة والسلام: (فأتينا على مثل التنور -قال وأحسب أنه كان يقول- فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا) [البخاري]، أي: صاحوا ورفعوا أصواتهم، وجاء في الحديث أيضا عذاب الذي ينام عن الصلاة المكتوبة، والذي يحفظ القرآن ولا يعمل به، ومن يكذب، ونسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.




نعيم القبر


وأما حال المؤمن الصالح في قبره فإنه في نعيم، بما يُفتح له من باب الجنة، وبمجالسة عمله الصالح، واستئناسه به، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قال: فيأتيه من روحها، وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي، ومالي) [أحمد].




حال الشهيد


أما الشهيد فإنه في غير ما ذُكر، فإنما هو الفوز العظيم، وإن كانت الفتنة يُصاب بها كل ميت فيفزع، فالشهيد في مأمن، جاء في السنّة أن رجلا قال يا رسول الله، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة) [النسائي]، فالشهيد يفرح في أول المطلع كما قال الله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ} وكيف لا؟ وقد غُفر له ذنبه من أول قطرة من دمه ورأى مقعده من الجنة، ولما خرجت روحه من جسده دخلت في جوف طير خضر فهو يحلق في الجنة حيث شاء، ويأوي إلى قناديل معلقة تحت عرش الرحمن جل جلاله، وكل ذلك ثبت عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-.


نسأل الله أن يرزقنا الشهادة في سبيله، وأن يقينا عذاب القبر وفتنته، وأن يرحمنا برحمته، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحفية النبأ العدد (436)
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منازل الآخرة (1) أول المنازل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عدة منازل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: