المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 (يَشُدُّ بعضُه بعضا)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

(يَشُدُّ بعضُه بعضا) Empty
مُساهمةموضوع: (يَشُدُّ بعضُه بعضا)   (يَشُدُّ بعضُه بعضا) I_icon_minitimeالخميس أبريل 18, 2024 5:34 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،، 
افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (438)
الخميس 2 شوال 1445 هـ
***


(يَشُدُّ بعضُه بعضا)


لا أخوة أعظم من أخوة الإيمان، فهي الرابطة المتينة التي جمع الله بها بين الذين رضي عنهم من خلقه فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وشبّهها نبيُّه -صلى الله عليه وسلم- بالبنيان فقال: (إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أصَابِعَهُ) [متفق عليه]، قال ابن رجب: "ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى أصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى أصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان".


وقد شرع الله تعالى كثيرا من الأحكام التي تقوي هذه الرابطة، كتحريم دم المسلم وماله وعرضه، وتحريم أذيته أو غيبته أو خذلانه، ووجوب نصرته وحسن عشرته والإحسان إليه وحفظ حقوقه، فكان من نتيجة ذلك، اهتمام المسلم بأمر أخيه كأنه أخوه من أمه وأبيه بل أكثر من ذلك، فتراه يحزن لحزنه ويفرح لفرحه ويتألم لمصابه، ذلك أنه قطعة من جسد أمة الإسلام التي إن أصيب بعضها تألم كلها، من شرقها إلى غربها، كما جاء في الحديث المتفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).


بل إن الله تعالى شرع أن يسعى المسلم لأخيه في الخير كما يحب أن يسعى لنفسه، ويكره له ما يكره لها، وجعل ذلك من أمارات الإيمان لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) [البخاري]؛ وهذا يصلح مقياسا لقوة الانتماء لدين الله تعالى أو إن شئت فقل: مقياسا للولاء للمسلمين المصاحب للبراء من الكافرين، الذين يخالف حالهم حال المسلمين كما وصفهم سبحانه: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا}.


هذا البناء المترابط المتراص، سعى أهل الكفر لهدمه بكل وسيلة، سواء فكريا بتقطيع آصرة الانتماء إليه لمصلحة روابط القومية والعرقية والحزبية وغيرها من أواصر الجاهلية؛ أو عسكريا بفرض الحدود والسدود وتنصيب الجيوش الحارسة لها، كل ذلك ليسهل عليهم تمزيق وحدة المسلمين والسيطرة على بلدانهم والاستفراد بكل بلد حسب ما تقتضيه مصالحهم، وهو ما نراه واقعا أليما لحال المسلمين اليوم في مختلف أصقاع الأرض.


وقد نتج عن ذلك شعوب وقبائل مفككة ممزقة، صنعوا لكل شعب "قضية" حصروه بها وأسروه داخل حدودها، وحرّموا عليه الانتصار لأي قضية غيرها، فصار لكل شعب شأن يغنيه! فسوريا للسوريين وفلسطين للفلسطينيين ومصر للمصريين! وصارت رابطة الإسلام خارج المعادلة! وغدت جراحات المسلمين "شأنا داخليا" وصار الخذلان أصلا، والنصرة فرعا طارئا، والله المستعان.


لقد كان من نتائج هذا الخذلان الذي هو من نتائج تهدّم روابط الأخوة؛ أن يستغل الكافرون مصاب المسلمين وعوزهم، فيلقون عليهم قليلا من الفتات مع كثير من المنّ والأذى، كما نراه اليوم في فلسطين -مثلا- مغمّسا بالدماء والإذلال والتشهير والتصوير، فيرتدون أقنعة الرحمة على قلوب الشياطين، والعجيب أنهم يلقون من طائرات الجيوش الكافرة التي تقتلهم ليلا؛ فتات الطحين نهارا! حتى أنسوا الناس أن من يلقي لهم الفتات هو نفسه من يحاصرهم ويحاربهم ويقتلهم ويجوّعهم منذ عشرات السنين!


إن الحل لمصاب المسلمين يكمن في وحدتهم وإحياء رابطة الإيمان بينهم ونبذ روابط الجاهلية، فالمسلمون أولى بإخوانهم المستضعفين؛ لأنهم أولياء لهم، وأهلهم وإخوانهم، وأقرب الناس لهم، وكفايتهم تعني قطع الطريق على كثير من هذه المفاسد التي يُلجئهم إليها الكفار والمرتدون، مع التأكيد والتذكير بأنه لا ينبغي أن ينسي جرحٌ للمسلمين في بلد ما جراحَ باقي المسلمين، فالمسلمون تتكافأ دماؤهم، فوق كل أرض وتحت كل سماء.


إنّ من ثمار تحقيق وإحياء هذه الرابطة الربانية، أن ينصر المسلم أخاه المسلم، فلا يخذله ولا يسلمه، بل يشدّ من عضده، ويقويه إذا ضعف، ويعينه إذا احتاج، وينصره إذا ظُلم، وينصحه إذا غلِط، وما أعظم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ)، فهذا الحديث يُوضح بجلاء حقيقة الأمة الواحدة، وكيف تكون الأخوّة الإيمانية تلك الرابطة العظيمة، العابرة للأعراق والألوان والأوطان.


وقد كان المجاهدون خير من امتثل هذه الأخوّة الايمانية وخير من أعطاها حقها، فجادوا وبذلوا دماءهم ذودا ودفاعا عن إخوانهم المسلمين في كل مكان، وما تركوا وسيلة لنصرتهم ورفع الظلم عنهم إلا فعلوا، كما امتثلوا وطبقوا هذه الرابطة الايمانية فيما بينهم فكانت حياتهم تنبض بالمحبة والتآخي، فجمعوا بذلك بين العيش والموت في ظلال هذه الرابطة الإيمانية المقدسة، ولن يصلح حال المسلمين بغير ذلك ولن يجمع المسلمين شيء سوى رابطة العقيدة، كما لم يفرقهم ويمزقهم شيء كمثل روابط الجاهلية التي جعلتهم شيعا وأحزابا، {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(يَشُدُّ بعضُه بعضا)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: