المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم}

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم} Empty
مُساهمةموضوع: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم}   {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم} I_icon_minitimeالجمعة يناير 19, 2024 12:19 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،، 


افتتاحية صحيفة النبأ - العدد(423)
الخميس 15 جمادى الآخرة 1445 هـ


***
 {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم}


اقتضت حكمة الله تعالى أن تتجلى رحمته بعباده في أمور يكون في ظاهرها النقمة والشر لكن في باطنها النعمة والخير {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، ومن ذلك تسليط العدو عليهم فينزل بساحتهم ويداهم ديارهم ويُعمل فيهم صنوف العذاب، وكل ذلك ليميز الله الخبيث من الطيب؛ فيمحّص الذين آمنوا ويرفع درجاتهم ويكفر سيئاتهم ويعيدهم إلى الجادة ويهيئهم لمرحلة جديدة من أقداره وتدبيره لأوليائه، وفي المقابل يمحق الكافرين ويريح العباد من شرورهم.


فالمسلم مكّلف بأمور يجب عليه القيام بها، وهو صاحب أمانةٍ ورسالة، يُعاقَب متى قصّر في أدائها وإبلاغها وصرفته وألهته الشواغل عنها، وهي سنّةٌ ثابتةٌ من سننه في عباده ذكرها في غير ما موضع في الذكر الحكيم، فكما أن الله تعالى يعاقب الكافرين لكفرهم به وحربهم للإسلام، فإنه سبحانه يبتلي المؤمنين ليعودوا إلى رشدهم ويسلكوا سبيل ربهم وينتبهوا من غفلتهم ويصحوا من رقدتهم فيكون ذلك خيرا وتدبيرا لهم وشرا ومكرا بعدوهم، وهذه سنة شرعية تزاحمت نصوص الكتاب والسنة في التأكيد عليها، وامتلأت كتب السير في شواهدها.


وإذا تأملنا أحوال المسلمين اليوم، نجد ما يُدمي القلوب من اضطراب أمور الكثير منهم، وبعدهم عن دين ربهم، وإخلادهم إلى حطام الدنيا الزائل؛ فترى أكبر همّ أحدهم: المأكل والمشرب والمنكح والمسكن والوظيفة وجمع المال وكأنهم لذلك خلقوا! ولم يزالوا كذلك حينا من الدهر وعُمّروا ما يتذكّر فيه من تذكّر لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا إلا من رحم الله.


وعليه؛ كان لزاما مجيءُ أمر الله إيذانا ببدء مرحلة جديدة وفصلٍ آخر من فصول هذه الأمة، تصحيحا لهذه المعادلة المغلوطة، واستنهاضا لأبنائها من بطلان وزيفِ ما ألفوه من هذا الواقع البئيس، واستنقاذا لهم من هذا الضياع، وعودةً بهم إلى ما كانوا عليه من سابق عهدهم من العزة والمجد والسؤدد، وما تشهده الأمة في السنوات الأخيرة خير دليل على ذلك؛ كتسلّط الصليبيين واليهود والمرتدين على رقاب المسلمين، وإهلاكهم للحرث والنسل، وتدميرهم لبلاد المسلمين بمن فيها، وهو ما يستوقف المتابع لهذه الأحداث ويُجبره على التساؤل عن التقصير الذي وقع فيه العباد، والسبب المحوري وراء ذلك كله من تكالب وتداعي الأعداء تداعيَ الأكلة إلى قصعتها، ونزع مهابة المسلمين من قلوبهم، فيجد الجواب الشافي والحلَّ في وحي النبوة: (حبّ الدنيا وكراهية الموت).


فهو إذن حبّ الدنيا والتعلّق بزخرفها واللهث وراءها، والإعراض عن الدار الآخرة التي ارتضاها الله لعباده المتقين ودواعيها كالجهاد وتبعاته من مفارقة لذائذ الدنيا وطلب القتل في سبيل مرضاة الله وإعلاء كلمته، فتحتّم إتيان الحلّ الربّاني في تخليص الناس من أغلال الدنيا التي حالت بينهم وبين اتّباع أمر ربهم، واستئصال متعلّقاتها من قلوبهم، فالأمور التي من أجلها تُرك الجهاد وقع فيها البلاء وذهب بريقها، من الأهل والولد والمال والسكن والعيش الرغيد، والله تعالى يقول: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ..}، فعظم المصاب واشتدّ الكرب ولم يبق سوى حبل الله المتين، الذي وعد من تمسّك به واتّبع هداه بأن لا يضلّ ولا يشقى، وهنا يكمن الفَرَج.


وكلما تعلق المؤمن بربه وحده وقطع رجاءه من البشر كان نصر الله له أقرب وفتح الله له أسرع، ولا يزال قلب المؤمن عامرا بالإيمان يحسن الظنّ بربّه بعد هذا كلّه موقنا أن الله لن يخذله أو يتخلّى عنه، وأن ما أصابه كفارةٌ لذنوبه وسيئاته وتقصيره، وأنه تذكيرٌ عملي بما له وما عليه، وأنه إن سُلب نعيم الدنيا فلا يعني هذا عدم عودته ورجوعه، فالذي ذهب به قادرٌ على أن يعيده أضعافا مضاعفة؛ شريطة اتّباع أمره والشكر على نعمه وأن لا يحول بينه وبين أوامره، وليعتبر من ابتلي بذلك بقصص الصابرين على أمر الله كنبي الله أيّوب عليه السلام الذي آتاه الله أهله ومثلهم معهم بعد الشدّة والبلاء، وخليل الله إبراهيم عليه السلام الذي وهب الله له على الكبر إسماعيل وإسحاق وأنجى ابنه إسماعيل من الذبح وأنجاه هو من النار من قبل، بعدما استجاب لأمر الله واستقام عليه ولم يتردد في التزامه ولأجر الآخرة أكبر.


وليوقن المؤمن أن كلّ ما أصابه هو خير له في الحال والمآل إن هو سلّم وفوّض أمره إلى ربّه، واستقام بعد ذلك على ما كان مقصّرا فيه من الواجبات والشعائر التي غُيّبت عن واقعه، وعلى رأس ذلك الجهاد والجماعة، فالإمام جُنّةٌ يتّقى به من الفتن والبلايا ثم الجهاد والجلاد معه لردِّ عادية الكفرة الأذلّاء، واجتناب ما يخالف ذلك من التفرّق والتشرذم والسيرِ خلْف المنتحلين المبطلين المنحرفين عن منهاج النبوة وتعليق الآمال عليهم والاغترار بهم، وليبشر بعدها المؤمن بمعيّة الله ومدده ونصره وفرقانٍ يفضح الله به المنافقين المتربّصين من حوله، ونارٍ تمحق عدوّه وتقطع دابره، {وَاللهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
...............................
التفريغ من إعداد موقع: إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم}
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: