المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 "دعاوى الجاهلية وخطورتها"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

"دعاوى الجاهلية وخطورتها" Empty
مُساهمةموضوع: "دعاوى الجاهلية وخطورتها"   "دعاوى الجاهلية وخطورتها" I_icon_minitimeالأحد يناير 07, 2024 9:30 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،، 


افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (422)
الخميس 8 جمادى الآخرة 1445 هـ


***
"دعاوى الجاهلية وخطورتها"


عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: "غزونا مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتّى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب، فكسع أنصاريّا، فغضب الأنصاريّ غضبا شديدا حتّى تداعوا، وقال الأنصاريّ: يا للأنصار، وقال المهاجريّ: يا للمهاجرين، فخرج النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما بال دعوى أهل الجاهليّة؟! ثمّ قال: ما شأنهم؟ فأخبر بكسعة المهاجريّ الأنصاريّ، قال: فقال النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: دعوها؛ فإنّها خبيثة" [البخاري]


هكذا كان يبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفوس المؤمنين، حيث كان يذيب أصول الانتماءات لكل شيء لصالح الدين، فإن أثار الشيطان منها شيئا أخمدها نداء الإيمان: (ما بال دعوى أهل الجاهليّة)؛ ليذكّرهم هذا النداء بتلك الظلمات التي أنقذهم الله منها، فتنفر بذلك نفوسهم مما وقعوا فيه من مخلّفاتها، فاستوى البنيان بتلك التربية على سوقه، وصار الفارسي والرومي والعربي والحبشي في صف واحد، كتفا على كتف في الصلاة، وقدما بجانب قدم في الجهاد، وهذه الصورة من التلاحم بين المسلمين تعكس جانبا مهما من حقيقة الانتماء للإسلام، والولاء للمسلمين والبراءة من الكافرين.


أما من لم يخالط الإيمان بشاشة قلوبهم، الذين عدموا رابطة الإسلام الوثيقة، فإنهم قد عكفوا على حدود حول أراضٍ، أو ألوانٍ أو أنسابٍ لم يكن لهم يد في اختيارها!، وصاروا يوالون عليها ويعادون، ويحبون ويكرهون، ويرفعون شأن من انتسب إليها ويحطون من قدر غيرهم، فهي بحق أوثان جديدة، تُبنى عليها عقائد، ويعقد عليها الولاء والبراء، في مشهد جاهلية جديد، سحر كثيرا من الناس فاتبعوه، وراح كل قوم يتخذون وثنهم الخاص بهم، ويبنون له الأمجاد والأساطير.




وهذا ليس محصورا في أهل الكفر البيِّن كفرهم من أهل الكتاب والمشركين والملحدين، بل تعدّى إلى من ينسبون أنفسهم للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون، بل وصل إلى من يدّعي الجهاد أيضا! فتراهم ينتمون لراياتهم أو أكابر قادتهم أكثر من انتمائهم للإسلام الذي يزعمون أنهم يقاتلون في سبيله! ولو وقعت تلك "الراية" أو ذلك القائد في نواقض الإسلام واحدا واحدا فإنهم يتأولون للبقاء تبعا لهم تأويلات بعيدة عن الحق بُعد الجاهلية عن الإسلام.


إن هذه العصبية الجاهلية على اختلاف صفاتها، سواء للوطن أو الحزب أو العرق أو اللغة أو اللون أو الرايات أو القادة أو غير ذلك، أدت بكثير من بني آدم للكفر، فكثير من الناس موقنون بطريق الحق لكن هذه العصبيات تمنعهم من الالتحاق به، بل وتدعوهم لجحوده ومحاربته ومناصبته العداء، وتأمل نهاية أبي طالب التي رواها الصحابي المسيب بن حزن رضي الله عنه بقوله: "لمّا حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فوجد عنده أبا جهل، وعبد اللّه بن أبي أميّة بن المغيرة، فقال: أي عمّ قل: لا إله إلّا اللّه كلمة أحاجّ لك بها عند اللّه فقال أبو جهل وعبد اللّه بن أبي أميّة: أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فلم يزل رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يعرضها عليه، ويعيدانه بتلك المقالة، حتّى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم: على ملّة عبد المطّلب!" [متفق عليه]، فتأمل هذا التمسّك بأسماء الرجال واتخاذِ باطلِهم حقا لا يمكن الحيدة عنه كيف أدى بصاحبه للموت على الكفر والعياذ بالله.


ومثل ذلك كفر الأولين الذين أنكروا نبوة الصادق الأمين -صلى الله عليه وسلم-؛ بحجة أنه ليس من القيادات المعروفة! والتي يظنون أنها أحق بالهدى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا لشيء إلا لأنها متبوعة من الناس معروفة بينهم! كما قال الله تعالى عنهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}، فتأمّل كيف أطاحت بهم هذه العصبية الجاهلية للرجال لتغرقهم بأوحال الكفر بالله العظيم وتكذيب رسوله الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام.


وهكذا هي العصبية للقبيلة فإنها قد تؤدي بأهلها إلى رد الحق الأبلج رغم الإقرار به ومعرفته واليقين أنه الحق، وتأمل ما قال أحد هؤلاء المتعصبين لمسيلمة الكذاب: "أشهد أنّك كذّاب وأنّ محمّدا صادق، ولكن كذّاب ربيعة أحبّ إلينا من صادق مضر!" فهم يعلمون أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- صادق لكن الانتماء الجاهلي والعصبية القبلية حالت بينهم وبين الانقياد للحق الذي جاء به وتصديقه واتباعه.


ولذلك، كانت التربية الربانية في إنشاء المجتمع المسلم تركز على إذابة كل الفوارق العرقية والمناطقية واللغوية لصالح الأخوة الإيمانية، فيقول الله سبحانه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم)، لتكون نتيجةُ الالتزام بهذه التوجيهات مجتمعا متآلفا جمع الله بين قلوب أهله على الإيمان، فقال عنهم: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.


وهذا التآخي على الإسلام اتخذته الدولة الإسلامية منهجا، فتآزر في صفها المسلم الروسي والأمريكي والفارسي، والتركي والعربي والكردي، والأبيض والأسود، على اختلاف لغاتهم وأعراقهم وأجناسهم، صفا واحدا تحت راية واحدة وإمام واحد، وما زالت وفود النافرين إليها من كل الأجناس والأعراق حتى يومنا هذا بفضل الله تعالى، حيث تذوب الفوارق، فليست البلدان لعرق دون آخر، أو قبيلة دون أخرى، أو قوم دون غيرهم، بل هي أرض الله والمسلمون عباد الله، تجمعهم رابطة الإيمان وحدها لا شيء غيرها، كما جمعت صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل.


وما زال الغيظ يشتعل في قلوب الحاقدين من هذا الاجتماع المبارك، وما زلنا نراهم يحاولون النيل منه بالدعايات التي يستمدونها من وحي الشياطين، فبين قائلٍ: خلافٌ بين العراق والشام! وقائلٍ بين القادة! وآخرَ بين الجنود! وآخر بين المهاجرين والأنصار! ولا عجب من إطلاق هذه الكذبات، فهؤلاء يقيسون الأمور على ما يعيشونه من جاهلية عشعشت في أذهانهم وعقائدهم وتصوراتهم، فلا يمكنهم تصورُ أن يجمع الإيمانُ أجناسا وأعراقا من بلدان شتى، فهذه الفريات إذن هي إسقاط نفسي لواقع فرضه عليهم فراغ صدورهم من الإيمان الذي يجمع أهله تحت راية تذوب فيها الانتماءات الجاهلية، فضلا عن الغيظ الذي يتملكهم وهم يرون المسلمين ينفرون إلى الدولة الإسلامية ويقاتلون باسمها وتحت رايتها على اختلاف أجناسهم وأعراقهم ولغاتهم وبلدانهم.


إن التعصّب لكل شيء غير دين الله تعالى هو مؤشر خطير لا بد أن يراجع العبد فيه نفسه، ويطهّرَ منه قلبه، ليسلم من الجاهلية وأدرانها، ولا بد أن يحذر من تزيين أهل الباطل لها وإضفاء الشرعية عليها، نسأل الله السلامة في الدين، والحمد لله رب العالمين.
........................
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"دعاوى الجاهلية وخطورتها"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: