المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 " عبر من غزوة الأحزاب "

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

" عبر من غزوة الأحزاب " Empty
مُساهمةموضوع: " عبر من غزوة الأحزاب "   " عبر من غزوة الأحزاب " I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 21, 2023 9:24 pm

"عبر من غزوة الأحزاب"


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد.


فما أحسن استخلاص العبر من معارك الإسلام الفاصلة، فهي من خير ما ينفع المسلمين عامة والمجاهدين خاصة، وما من مواقف قتالية زخرت بالفوائد كسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، تلك المعارك التي صاغها أبطال الإسلام الأوائل رضوان الله عليهم بقيادة سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم-.


وقد كانت بعض غزواته محورا هاما في مسيرة حربه مع أعدائه "كفار قريش"، ومن أهم تلك الغزوات غزوة الأحزاب، التي تُسمى بالخندق، وسنحاول في هذا المقال أن نستقي منها أهم الدروس والعبر، إن شاء الله تعالى.


 
اليهود رأس الداء في كل عصر ومِصر


هم نَقَضة العهود وقَتَلة الأنبياء، وما كان من بلاء في الأمة إلا ولليهود فيه يد غالبا، فكانوا هم السبب الرئيس لتحزب الأحزاب، وذلك لما قام كبار يهود بني النضير -الذين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر-، فذهبوا إلى مكة واجتمعوا بمشركيها في السنة الخامسة للهجرة، وتحالفوا معهم ثم ذهبوا إلى غطفان وألبوهم على حرب المسلمين وأغروا الجميع بأن اليهود سيكونون حليفا لهم على المسلمين، حتى اجتمع رأيهم على أن يكونوا حلفا -هو أوهى من بيت العنكبوت- ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه في المدينة، ولا عجب فقد نبّأنا الله من أخبارهم فقال عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة]، قال ابن كثير رحمه الله: “وما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود ومباهتة للحق وغمط للناس وتنقص بحملة العلم، ولهذا قتلوا كثيرا من الأنبياء حتى همّوا بقتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- غير مرة” [التفسير]، ولذلك فقتالهم من أفضل الأعمال المُقرِّبة إلى الله، واستهداف الموالين لهم من خير الجهاد في سبيل الله.




 النبي القائد يحفر مع جنده الخندق


مما نستخلصه من الدروس والعبر ما كان من تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- أمتَه أن الإمام مكانه في الأمام، فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحفر الخندق مع أصحابه، قال ابن هشام رحمه الله: “فعمل فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون” [السيرة النبوية].


ومن تلك الدروس أيضا أن الابتلاء والتعب قدر العصبة المؤمنة، فعن أنس قال: “خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع، قال: (اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره)، فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا” [البخاري].


فانظر إلى تلاحم القائد مع جنده، وعملهم معاً في نصرة الدين وقتال الكافرين.




مع اشتداد الكرب يلوح الفرج


ومع شدة الكرب وضيق الحال بالمسلمين، الذي وصفه القرآن الكريم وصفا دقيقا، حيث قال تعالى: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا}، قال ابن كثير رحمه الله: "(من فوقكم) أي: الأحزاب، (ومن أسفل منكم) أي: بنو قريظة" [التفسير]، وقال الطبري رحمه الله نقلا عن قتادة: 
"(وإذ زاغت الأبصار)أي:"شخصت" (وبلغت القلوب الحناجر) أي: "نبت القلوب عن أماكنها من الخوف والفزع"، (وتظنون بالله الظنونا) أي: "ظنونا مختلفة: ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق، أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون" [التفسير]، ومع بروز أهل النفاق في المدينة حتى قال بعضهم: "كان محمد يعدنا بأن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب للغائط")، مع ذلك كله تتجلى معية الله تعالى للمسلمين، ويريهم بعض آياته تثبيتا لهم وإعانة، ومن ذلك ما رواه الإمام البخاري عن جابر -رضي الله عنه- قال: “إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: (أنا نازل)، ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- المعول فضرب، فعاد كثيبا أهيل، أو أهيم، فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي -صلى الله عليه وسلم- والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان، قال: (كم هو) فذكرت له، قال: (كثير طيب، قال: قل لها: لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال: قوموا) فقام المهاجرون، والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: (ادخلوا ولا تضاغطوا)، فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية، قال: (كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة).


ثم بعد أن يرى الله الكريم الثبات من عباده ينزل عليهم نصره المبين من حيث يحتسبون أو لا يحتسبون، وفي تلك الغزوة، أرسل الله جنديا من جنوده ليحسم المعركة بعد أن أدى المسلمون ما عليهم من ثبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا}، فقلعت الريح خيام المشركين وأكفأت قدورهم وأطفأت نيرانهم.


وفي ذلك درس وتسلية للقابضين على الجمر من المجاهدين في كل مكان، أن النصر لله ينزله متى شاء وكيفما شاء، إلا إننا لسنا مأمورين به إنما أمرنا بالجهاد فحسب، وقد يتأخر النصر لتمحيص الصف، أو لاصطفاء من شاء الله من الشهداء، أو لزيادة أجور عباده ورفع درجاتهم، أو تكفير خطيئاتهم، إلى غير ذلك من الحكم التي يعلمها جل جلاله ونجهلها، لكنه آتٍ لا محالة بإذن الله تعالى.




خيار الاعتزاز بدين الله والصبر


لما اشتد البلاء على المسلمين وتحالفت غطفان مع مشركي مكة، أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخفف على أصحابه والأنصار بأن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة ويرجعوا عنها؛ لأن العرب رمتهم عن قوس واحدة وكالبوهم واشتد الحصار، فاستشار لأجل ذلك السعدين، سعدَ بن معاذ وسعدَ بن عبادة، فقال له سعد بن معاذ: “يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قِرىً أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم” [السيرة لابن هشام]، فكانا بالله في عزة وفضَّلَا الصبر في سبيل الله مع حسن الظن بالله، فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك وصوّب رأيهما، وفيه أيضا تعليم الأمة أدب الاستشارة لمن يُوثق بدينه ورأيه، وفيه تخفيف الأمير عن جنده إن رآهم أنهم قد يقبلون على ما لا يطيقون.




درس أمني


ومن الدروس الأمنية في تلك الغزوة ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، من بث العيون لتأتيه بخبر العدو رغم شدة الموقف؛ ليكون القائد على اطلاع بما يجري حوله، فقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- حذيفة وقال له: (اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم عليّ) [مسلم]، يقول حذيفة: "فلمّا ولّيت من عنده جعلت كأنّما أمشي في حمّام حتّى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنّار، فوضعت سهما في كبد القوس، فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ولا تذعرهم عليّ، ولو رميته لأصبته.." [مسلم]، وفيه أنه ينبغي للقائد أن لا يغفل عن عدوه وأن يستطلع أخبارهم ويعرف تحركاتهم، وفيه السمع والطاعة من الجندي لأميره والالتزام بالتعليمات وخطورة الاجتهاد وما قد يكون فيه من أذى يلحق جماعة المسلمين كلها.


هذا نزر يسير مما في هذه الغزوة من العبر والفوائد، ومن أعظمها أن يدرك المسلمون أن الفتح لا بد أن يمر بالأحزاب وتكالب الأعداء، وما جرى للنبي -صلى الله عليه وسلم- سيجري لكل من سار على دربه واقتفى أثره، وصلّى الله وسلم على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
......................................
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (417)
الخميس 2 جمادى الأولى 1445 هـ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
" عبر من غزوة الأحزاب "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفتح بعد الأحزاب!
» شهداء غزوة بدر
» [ غزوة بدر.. دروس وعبر ]
» ''غزوة كراسنوجورسك المباركة في عقر دار الصليب روسيا ''
» استهداف أبراج الكهرباء غزوة اقتصادية شاملة ضربت قطاع الكهرباء الرافضي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة الشرعية :: من عبق السيرة والتاريخ-
انتقل الى: