المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

  {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

 {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} Empty
مُساهمةموضوع: {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}    {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 17, 2023 6:32 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم


،، 


افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (419)
الخميس 16 جمادى الأولى 1445 هـ


***


 {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}


كثير هم الذين يدّعون أنهم يريدون الجهاد في سبيل الله، ويزعمون أنهم ينتظرون الفرصة المناسبة للنفير، فتراهم ينظّرون عن الجهاد ويدّعون، ويُزبدون ويُرعدون {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} وصاروا أمام الأمر الواقع الذي يتوجب عليهم فيه التحرك دون تأخير مع توفر الأسباب المادية: {إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً..}! ولسان حالهم يقول: {..رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ}!


فيبدأ هؤلاء باختلاق الأعذار وإيجاد الموانع التي لا وجود لها في الواقع، ولو حققوا في الأمر وصدقوا أنفسهم لوجدوا أنه حب الدنيا وكراهية الموت، وهو السبب الذي بيّنه العليم الخبير لهؤلاء المتثاقلين إلى الأرض فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}، وهذا التثاقل إلى الأرض، والالتصاق بما فيها من استقرار الحال، أو أموال أو زوجة وعيال، أو خوف عاقبة النفير وما يترتب عليه من أذى الكفار: هو ما حذرهم الله أن يكون سببا في استبدالهم، وعقوبتهم بالعذاب الأليم، فقال: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


وقد يكون السبب في عدم النفير والاستجابة لأمر الله هو مرض القلب المستور بمظاهر الإيمان الكاذبة، والتي لا تتبين حقيقتها إلا حينما يكون العبد أمام تصديق أقواله بأفعاله، وقد وصف الله أولئك الذين ضرب النفاق قلوبهم بوصف عجيب فقال: {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ..}، فتأمل وصف الله تعالى لحالة هؤلاء وهم يواجهون الأمر الحاسم بالقتال، كيف أنهم ينظرون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كمَن يُغشى عليه من الخوف والجبن والرعب!؛ ذلك أنهم غير مستعدين لأن يبذلوا أنفسهم في سبيل الله، وليس عندهم الإيمان الذي يدفعهم لأن يشاركوا المسلمين في جهاد عدوهم، وكان عندهم من النفاق ما منعهم من الاستجابة لأمر الله، وقد نصحهم اللطيف الخبير بقوله: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}، فالصدق في الإيمان والاستجابة لأمر الله بالجهاد في سبيله خير لهؤلاء من هذه الفضيحة التي انكشف فيها تناقضهم واستبان بها كذب ادعاءاتهم.


ومقياس الصدق هو أن نفس المؤمن تخفّ لمّا تسمع داعي الله لما يحييها من الجهاد في سبيله، حتى كأنها تطير كلما تسمع صيحة أو هيعة تنادي للجهاد في سبيل الله، وهذا هو الفرق بين نفوس الصادقين الذين لا تكبّلهم أصفاد الدنيا عن الاستجابة لأمر الله ونفوس المدّعين التي تصبح ثقيلة مقرَّنَةً بأصفاد الشهوات، حين تطرقها آيات الاستنفار لميادين القتال، مع علمها في قرارة نفسها أنها تخسر هذه التجارة الرابحة التي دلّ الله عليها المؤمنين، بل كثير من هؤلاء لا يريدون الجهاد في سبيل الله أصلا وكلامهم مجرد دعاوى كاذبة، ودليل ذلك أنهم لو أرادوا الخروج فعلا وصدقا؛ لبادروا بإعداد العدة وقتال الكفار حيثما كانوا أو إزالة الموانع والنفير خفافا أو ثقالا، لكنّ الله الحكيم يعلم ما في قلوبهم ونبأنا من أخبارهم فقال: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}.


ولذلك، فإن من علامات الصادقين الذين يريدون الجهاد حقا أنهم يسعون في إزالة العوائق والعلائق التي تمنعهم من الالتحاق بركب الصالحين، واستغلال كل فرصة لأداء هذه العبادة المفروضة، والحذر من التسويف والمماطلة إن سنحت أيّة فرصة للنفير، فقد يُحرم منها العبد إن لم يبادر إليها، كما حُرم نفر من الصحابة فضلَ الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جيش العسرة، تلك الغزوة التي كان فيها السفر بعيدا والمشقة شديدة، مقابل ما في المدينة من ظلال وارفة ودعة وراحة، وكان ممن تخلّف كعب بن مالك -رضي الله عنه- أتي من قِبل تسويفه، وكان من شأنه ما حكاه عن نفسه بالقول: “تجهز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت! فلم يزل ذلك يتمادى بي، حتى استمرّ بالناس الجدُّ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غاديًا والمسلمون معه، ولم أقضِ من جَهازي شيئًا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئًا. فلم يزل ذلك يتمادى بي، حتى أسرعوا وتفارط الغزْوُ، وهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت، فلم يُقَدَّر ذلك لي، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- يحزنني أنّي لا أرى لي أسوةً إلا رجلا مغموصًا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء” [مسلم]، قال ابن القيم -رحمه الله- معلّقا على قصة كعب ابن مالك: “إن الرجل إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة فالحزم كلُّ الحزم في انتهازها والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكُّنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلَّما تثبت، والله سبحانه يعاقب من فتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه بأن يحول بين قلبه وإرادته فلا يمكِّنَه بعدُ مِن إرادته عقوبةً له” [زاد المعاد]، ويصدق ذلك قولُ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، والمقصود أن هذه الفرص هي اختبار من الله الحكيم يضع فيها العبد أمام تصديق أقواله بأفعاله، واغتنامُها دليل على صدق العبد في إرادته الجهاد في سبيل الله.


فينبغي للقاعدين عن الجهاد في سبيل الله حتى الآن، أن يتفكروا في أمرهم، وأن يحذروا النفاق، والاستبدالَ، والعذابَ الأليم المترتبَ على قعودهم، وأن يحذروا من الذين يقعدون لأهل الإيمان بأطرقهم، يوسوسون لهم بالشبهات، ويزينون لهم الشهوات، ثم ليعزموا أمرهم، ويتوكلوا على الله ربهم، ويؤدّوا فرض الله عليهم، إن لم يكن بأماكنهم تنكيلا بالكفار والمرتدين فبالهجرة منها لأرض الجهاد، {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
...................
التفريغ من إعداد موقع: إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
{فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: