المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 (فَلَا تَخافُوهُمْ)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

(فَلَا تَخافُوهُمْ) Empty
مُساهمةموضوع: (فَلَا تَخافُوهُمْ)   (فَلَا تَخافُوهُمْ) I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 09, 2023 5:00 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
،، 
افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (418)
الخميس 9 جمادى الأولى 1445 هـ
***


(فَلَا تَخافُوهُمْ)


من أهم ما يطمع أعداء الإسلام للوصول إليه؛ أن يزرعوا في المسلمين اليأس من النصر، وإبعاد تصور أن تكون لهم الغلبة بالجهاد في سبيل الله، مقابل بث ادعاءات سيطرة أعدائهم العالمية على أسباب القوة والهيمنة على كل شيء، وأن بإمكانهم محو كل عدو لهم من الوجود، مستخدمين في ذلك وسائل إعلامية موجّهة، يتكلم أكثر أهلها بألسنة المسلمين، ويتزيّون بزيهم، لتكون أكثر تأثيرا وأنكى تخذيلا.


ولا عجب، بعد سنين طويلة من هذا الضخّ الإعلامي، أن رأينا الضعف المستشري في قلوب الكثير جيلا بعد جيل، والذين بلغ بهم الوهن أقصى دركاته، والخوف من العدو أعلى مؤشراته، حتى باتوا على يقين أن هذا النظام العالمي قوة لا تُقهر ومنظومة لا تكسر، وجَناب لا يُرام، وما ذلك إلا وهم يلقيه الشيطان في تصورات هؤلاء؛ ليكمل مع أوليائه هذه الحرب النفسية عليهم؛ بإدخال الخوف والتهويل في قلوبهم، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} قال ابن كثير: "أي يخوفكم أولياءه، ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة، قال الله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أي: إذا سوّل لكم وأوهمكم فتوكلوا علي والجأوا إلي، فإني كافيكم وناصركم عليهم"، وهذا يعني أن المؤمن الذي يخاف الله حقا لا يلقي لتخويف الشيطان بالا، ولا لإرجاف أوليائه قيمة، فإن الإيمان يدفع خوف المخلوقين من القلب بوجود خوف الخالق فيه، ولذلك قال: {.. وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وهذا يعني أيضا أن الذي وصل به الخوف لهذه المراحل يجب أن يراجع إيمانه، فإن وجود هذا الخوف بهذه الصورة مؤشر على ضعف الإيمان أو انعدامه أصلا!


لقد كرّس هذا الخوف الذي ينفخ فيه الشيطان، ويروّج له الإعلام الطاغوتي ومشايخ السوء المخذولون المخذّلون على اختلاف مشاربهم، في عقول أكثر الناس أن النصر لا يمكن أن يأتي بالإيمان وما توفّر من أسباب مادية قليلة، نصر الله بها المسلمين في مواطن كثيرة من قبل، بل لا بد أن يصلوا إليه عبر الانضمام لمحاور الشرق أو الغرب، ويستلزم -ولا بد- رضى الكفار أو بعضهم، وتكوين "جماعات الضغط" للدفاع عنهم، وتنحية الشريعة واستبدالها بما يريدون من كفر إرضاءً لهم واستجلابا لدعمهم، وعدا ذلك فإنه محكوم على كل بناء بالسقوط وكل خطوة بالتعثر والفشل، فخرجت على إثر ذلك جماعات منتصف الطريق، التي تريد النصر من العدو، وتبتغي العزة عنده، فانضمّ أهلها -على اختلاف توجهاتهم- كلٌّ لمحوره الذي توهّم أنه يوصله لما يسمّيه “النصر”؛ لينتهي بهم المطاف -نتيجة خوفهم من الكفار واستعظام قوتهم- بيادق بيد أهل هذه المحاور، ووقودا لمعارك يجني ثمارها غيرهم وتسيل فيها دماؤهم!


ومما اجتهد أعداء الله لغرسه في عقول المسلمين هو قطعُ الصلة بين ماضي الأمة وحاضرها؛ ليكون الأوائل الفاتحون نموذجا بعيدا بُعد المشرقين، لا يمكن تكراره مرة أخرى في هذا الزمان، وأن ما جرى من سالف الأمجاد ما هو إلا قصص من أساطير الأولين، تُروى ثم تُطوى، وأن لا خيار أمام الأمة إلا أن تصبر على هوانها وطواغيتها، وتظل تحت قهرهم، كل ذلك بزعم الاستضعاف، الذي يريدون منه أن يتركهم وهم لا يتركونه! ولا يكلفون أنفسهم للتخلص منه، وكأن الأوائل الذين يتحسر على مجدهم فتحوا أعينهم ليجدوا أمامهم تمكينا وفتوحات، وجيوشا جرارة في ربوع الخلافة، وكأنهم لم يبنوا الفتح العظيم لبنة لبنة، ولم يكابدوا في ذلك أنواع الابتلاءات من فراق الأوطان وفقدان الأحباب وإتلاف الأنفس والأموال.


لقد فهم المجاهدون في الدولة الإسلامية هذه الأمراض التي تشلُّ الحركة وتُخيف من العدو، وتجعل التخذيل عقلا ورشدا والجهاد الخالص من شوائب التبعيّة تهورا وقِصَرَ نظر، فتقدّموا لكسر هذه المفاهيم العقيمة، وتمسكوا بعقيدة التوحيد وإفراد العبودية لله وحده وجعْلها أسّ القضايا، والبراءة من المشركين -بكلّ صنوفهم- ومعاداتهم، وانتهاج الجهاد سبيلا شرعيا أمينا، يفوزون به بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة، فنتج عن هذه الخطوات إظهار ضعف هذا النظام العالمي وإمكانية النكاية به بل وانتزاع أراض منه وإقامة دولة تحكم بشريعة الرحمن، فكانوا للمسلمين بذلك قدوة حسنة في العقيدة والجهاد، فأيدهم الله بنصره حتى عجزت كل قوى الكفر التي -يخوّف بها المرجفون من يستمع لهم- عن القضاء عليهم، ذلك أنهم قدّموا خشية الله على خشية من سواه، ممتثلين قول الله سبحانه: {فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وصدّقوا قول ربهم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، فقاتلوا في سبيل الله على علمٍ بولاية الشيطان لعدوهم وأنه الخاذل المخذول، فغيّر الله لهم الواقع وبدّل لهم الأحوال.


وهذا السبيل الثابت الذي ظهر صوابه وجدوى تأثيره؛ يحتّم على المسلمين أن يعلموا أن من أشد أدواء الأمة اليوم ما دخلها من خشية عدوها، وانكسار إرادتها وعدم اعتزازها بربها ودينها، وأن يعلموا أن حياة الأمة بجهادها وأن جهادَها حياتُها، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، والموفّق من وفّقه الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
.....................
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(فَلَا تَخافُوهُمْ)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: