المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 مقاعد الشيطان (3) في طريق الهجرة والجهاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

مقاعد الشيطان (3) في طريق الهجرة والجهاد Empty
مُساهمةموضوع: مقاعد الشيطان (3) في طريق الهجرة والجهاد   مقاعد الشيطان (3) في طريق الهجرة والجهاد I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 21, 2023 4:13 am

مقاعد الشيطان (3) 
في طريق الهجرة والجهاد


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المجتبى وعلى آله وصحبه ومن لهديه اقتفى أما بعد.


نختم اليوم هذه السلسلة الثلاثية في بيان المقاعد التي يقعدها الشيطان للمسلم في طريق التوحيد والهجرة والجهاد استقاء من النصوص الشرعية، واستقراء من التجارِب الجهادية، نسردها تحذيرا وتنبيها، لينتفع بها إخواننا بإذن الله، والغاية أن نتواصى بالحق والصبر فنؤجر ونسلم ونغنم بإذن الله، والله من وراء القصد.




المقعد السادس: المظالم وشبه المظالم


إنّ من صفات الله تعالى العدل وقد نفى الظلم عن نفسه فقال تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، كما حذّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من عقوبة الظلم فقال: (اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامةِ) [مسلم] والأدلة في تحريم الظلم كثيرة شهيرة.


وقد جُبلت النفس البشرية على رفض الظلم، فإن رأت ظلما كرهته ودفعته بكل ما استطاعت، ولا شك أنّ المسلم أشد دفعا له، والمجاهدون هم أباة الضيم الذين تحركوا لدفع الظلم عن المسلمين في كل مكان، وقد شهدت فترة حكم الدولة الإسلامية سنوات من العدل ورفع الظلم عن المسلمين، شهد به العدو قبل الصديق وهذا من ثمار حكم الشريعة التي يحاربها الطواغيت وجنودهم.


ومع ذلك لا يخلو الأمر من وقوع بعض المظالم حتى لو كان في أرض الجهاد وديار الإسلام، لأنها طبيعة البشر الناقصة وحقيقة الدنيا الدنية، وهو مما يبتلي الله به عباده، وهنا قد يتسلل الشيطان إلى قلوب بعض من وقع عليه الظلم؛ فيغلق عليه كل الحلول وينفخ فيه حتى يصعّب الأمر عليه، فيصبح لا يرى حلا إلا في الصدام أو الخصام، ولو أنّ المرء صبر وكظم وعرض الأمر على أهل الصلاح والإصلاح لعلم أنه محلول وإنما عقّده الشيطان.


والأخطر من ذلك والأكثر وقوعا هي شُبه المظالم؛ وذلك عندما يوحي الشيطان إلى المرء ويهيئ إليه أنه وقع تحت الظلم وهو ليس كذلك، فيتمرّد ويتكبر ويصرّ على موقفه ويظن أنه على الحق وهو على الباطل، فلا يسمع لنصح ناصح ولا لعذل عاذل ويتوهم أن الكل على باطل وهو وحده على الحق، وأن هناك مؤامرة عليه وتسوّل إليه نفسه الأمّارة بالسوء، ويوسوس إليه إبليس حتى يصوّر له أن أرض الجهاد هي أرض الظلم ومصنع الشرور وأن خروجه منها هو العدل! وأن الفرار والانتكاس هو الحل!؛ فإذا سحبه الشيطان من أرض الجهاد إلى أرض القعود فقد أنجز مهمته وسهُل عليه الباقي!؛ إذْ وقع المسكين في مصائد الشيطان كما تقع الفريسة في الفخ!، وعندها تسمع وترى من فعاله العجاب، والقصص في ذلك كثيرة! حتى زيّن الشيطان لبعض هؤلاء اللحاق بالمشركين ونصرتهم على المسلمين وأن ذلك من القصاص العادل؟! وبعض مَن أوقعهم الشيطان في هذا المنزلق الخطير ووصلوا إلى ديار الكفر وعادوا إلى سابق عهدهم من القعود والنزول تحت ظلم الطواغيت؛ ندموا وأخذوا يبحثون مجددا عن طريق للعودة إلى ميادين الجهاد، ولكن هيهات هيهات، فقليل مَن يُوفق إلى ذلك، والله المستعان.


فليحذر المجاهد هذا المقعد فإن الشيطان قد تسلل منه إلى الكثيرين وأخرجهم من نعيم الجهاد إلى شقاء القعود وأنزلهم من ذروة السنام إلى دركات الحطام، فلم يجدوا في ديار الطاغوت إلا الظلم والذنوب والذل زيادة، ولو تأمل هؤلاء لأيقنوا أن أمنهم على دينهم في أرض الجهاد مصلحة لا تعلوها مصلحة، ولكنه الشيطان والنفس الأمارة وأمراض القلوب، وإلى الله المشتكى.




المقعد السابع: النزاعات والخلافات


ومن مقاعد الشيطان: التنازع والخلاف بين المسلمين، فضرره متحقق على الفرد والجماعة وقد نهانا الله عن ذلك فقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، فالتنازع يورث الفشل ويُذهب بالريح ويطمّع الأعداء ويفرّق الصفوف، ويفتك بالقلوب ويزلزل الأقدام، فكثرة التنازع تزرع بذور التباغض بين الإخوة، والاختلاف يفتح باب التحاسد والانتصار للنفس، وعندها يقعد الشيطان مقعده مقللا من قيمة الآخرين وآرائهم وعلمهم، وداعيا المرء إلى الانطواء والاعتزاز بنفسه واعتزال إخوانه حتى ربما أخرجه الشيطان بذلك من طريق الجهاد بالكلية -إذا لم يسلّم الله صاحبه ويرده للطريق-.


ولا شك أن المسلم مطلوب منه الصبر على إخوانه وتحمّل هفواتهم وزلاتهم في حقه، والانتصار على النفس بعدم تغليب الانتصار للنفس؛ فالمقام بين الإخوان مقام التسامح والصفح والإحسان، وهو في حق المجاهدين أوجب؛ إذْ إنّ بيئة الجهاد قوامها الصبر والمصابرة، ولذلك كان خاتمة الآية السابقة الناهية عن التنازع؛ الأمر بالصبر.


ومن أكثر أسباب النزاعات والخلافات: كثرة اللغو، وكثرة الجدال، وكثرة القيل والقال، والانشغال بكل شاردة وواردة، وكثرة السؤال عما لا يفيد، والخوض مع كل خائض، وإضاعة الوقت؛ فالفراغ فيه يعشعش الشيطان ويبيض ويفرّخ!، إلى غيرها من الآفات التي تخالف صفات المؤمنين الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}، ومثله حديث المغيرة رضي الله عنه قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنّ اللّه كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السّؤال) [مسلم]، إذن فليضع المسلم نصب عينيه الانشغال بما يصلح أمره وأمر إخوانه، ويحسن مخاطبتهم لقوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}، ثم فليقنع بما ضمنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي داود -بسند حسن- عن أبي أمامة قال: قال رسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنّة؛ لمن ترك المراء وإن كان محقّا، وببيت في وسط الجنّة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنّة لمن حسن خلقه)، فهذه هي مفاتيح السلامة والله الموفق.


(بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا) !


ومن عرف تلك المقاعد وغيرها، وجب عليه السعي لسدّ المدخل الرئيس الذي يتسلل منه الشيطان إليه، فقد قال تعالى فيمن تولوا في غزوة أحد: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}، قال الطبري: "إنما دعاهم إلى الزّلة الشيطانُ، ببعض ما عملوا من الذنوب" وقال ابن كثير: "أي: ببعض ذنوبهم السالفة"، فهم بذنب اقترفوه فتحوا ثغرة على أنفسهم دخل الشيطان منها إلى نفوسهم، ثم جرّهم إلى ما جرّهم إليه، فليحذر المسلم من الذنوب صغيرها وكبيرها، دقها وجلّها، سرّها وخفيّها؛ فكم حجبت من خير وكم جلبت من شر وكم أردت من قتيل!


وإنّ من نعم الله تعالى على القاطنين ديار الإسلام وميادين الجهاد أنّ سُبل المعاصي الظاهرة مؤصدة، ولم يبق على المسلم الفطن إلا أنْ يوصد الباب في وجه الشيطان ويجاهد نفسه من الوقوع في ذنوب السرائر، ويجتهد في إصلاح قلبه دائما وأبدا، ولا يهمله يوما ولا بعض يوم، وليجدّ في الطاعات فهي حصن القلب، وإذا تصدّعت بمعصيةٍ جبرها بالاستغفار، فإذا تهاون العبد في الطاعات؛ ترك قلبه أعزلا يجرحه كل ذنب، فإذا ترك الاستغفار والتوبة من الذنوب، كثرت الصدوع وحصلت الثغرات في جدار القلب، فإذا عرف السبب بطل العجب، فسارع أيها المسكين إلى إصلاح نفسك قبل أن تصبح للشيطان سلبا، والله هو الحافظ والمجير من العطب.




علامات وذنوب مهلكة


وإن الذنوب شر كلها، وضررها وخطرها لا يخفى، لكن مما عُرف من واقع التجارِب والمعاينة، فإن بعض الذنوب كانت أمارات على سرائر فسدت وخبايا أوبقت، وكانت قاسما مشتركا بين أكثر المنتكسين عن طريق الجهاد، منها على سبيل المثال لا الحصر: الجزع والتسخُّط عند البلاء وهو نقيض الصبر والرضا والتسليم بأقدار الله تعالى، ومنها: الغرور والتكبُّر والتعالي على الإخوان، ومنها: الشدة والغلظة على المسلمين، ومنها: معصية الأمير والتقليل من خطورة ذلك ولو كانت في أمور عامة، ومنها: التفريط في أموال المسلمين والإسراف في المال العام والتهاون فيه؛ كل تلك الذنوب والآفات كانت منحدرات زلت بها أقدام كثير ممن تركوا أرض الجهاد وفتنوا عن طريق التوحيد وضلوا السبيل، فتنبَّهوا لها أيها المجاهدون، ونبِّهوا إليها، واحذروها وحذِّروا منها نصحا وتذكيرا، فليحذر المسلم أن يأتي هذه الآفات المهلكات أو تأتيه بسريرة أو ببعض ما كسب، فلا يأمن على قلبه الفتنة إلا من سفه نفسه، وليتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (…فإنّ الرّجل منكم ليعمل حتّى ما يكون بينه وبين الجنّة إلّا ذراع، فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النّار، ويعمل حتّى ما يكون بينه وبين النّار إلّا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنّة) [رواه الشيخان]، نسأل الله العفو العافية.




(وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)


وفي ختام هذه السلسلة الطيبة، نذكّر بما ابتدأنا به وهو أن "الشيطان قعد للإنسان بأطرقه.." ليصده عن التوحيد والهجرة والجهاد، والله تعالى قد حذّر عباده من أن يصدهم الشيطان عن طاعته وصراطه فقال سبحانه: {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، قال الطبري: "ولا يعدلنكم الشيطان عن طاعتي فيما آمركم وأنهاكم، فتخالفوه إلى غيره، وتجوروا عن الصراط المستقيم فتضلوا".


ومعلوم أيضا أن "الشَّيطانَ يَجري مِن ابنِ آدمَ مَجرى الدَّمِ" فيوسوس الخبيث إليه ويزين له سوء عمله حتى يراه حسنا، وغايته أن يرده عن دينه وهجرته وجهاده كما بيّن تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ مِّنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ}، قال القرطبي: "أي: زين لهم القبيح ومدّ لهم في الأمل"، فهذا هو دأب الشيطان مع العبد يحاول بكل وسيلة جره إلى الهاوية وإخراجه من الهدى إلى الضلالة ومن النور إلى الظلمات، وأساليب الشيطان في ذلك هي الإغواء والتزيين والوسوسة وما يتعلق بذلك من طرق الشيطان وحبائله، لذا على المسلم ألا يستخف بما يلاقيه من وساوس الشيطان ونزغه وتزيينه، ولا ينقاد له، بل يستعيذ بالله منه كلما وقع له ذلك عملا بقوله تعالى: 
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.


وما أجود ما قاله ابن عرفة في تفسير قوله تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}، قال: "الغرور: ما رأيتَ له ظاهرا تحبه وفيه باطن مكروه أو مجهول!، والشيطان غَرور؛ لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء!".


وعلى أرض الواقع تجد الشيطان لا يعد ويمنّي أتباعه إلا غرورا؛ ظاهره حسن والسوء كامن في باطنه، فالذين زيّن لهم الشيطان الانتكاس والقعود ووعدهم بالراحة ومنّاهم بالسعادة؛ فتركوا أرض الجهاد، فهؤلاء إذا نجوا من القتل والأسر، لم يلاقوا إلا البؤس والاضطهاد، والعيش في الغياهب والسراب، إذْ لم يجدوا من آمال الحياة الهانئة التي وعدهم بها شياطين الإنس والجن -في جولات وساوسهم وتزيينهم وتسويلهم-؛ إلا أشباه دول لا عدالة فيها ولا أمن، تعصف بها الحروب الخارجية والاضطرابات الداخلية، والمشاكل الاقتصادية، والفساد العارم الذي لا تستقيم معه حياة المسلم إلا أنْ يفرّط في بعض دينه أو أكثره أو كله!، ثم لم تزل البلايا تصيب ولا تستثني إلا من شاء الله، فبعد هذا كيف يخدع المرءَ الشيطان، ومِن عند الله أوضح البيان، أن تلك الوعود لم تعدُ قدرها غرور في غرور في غرور، ومن يجُبه لها يسقط وعليه الدوائر تدور، فلله نلجأ وبه نستجير من الشياطين ومصائدها والنفس ومكائدها، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (395)
الخميس 26 ذو القعدة 1444 هـ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقاعد الشيطان (3) في طريق الهجرة والجهاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقاعد الشيطان (1) في طريق الهجرة والجهاد
» مقاعد الشيطان (2) في طريق الهجرة والجهاد
» "الهجرة عبادة ماضية"
» ( طرق الاحتراز من الشيطان )
» حزب الله أم حزب الشيطان؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: