المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 عظمة القرآن (4)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

عظمة القرآن (4) Empty
مُساهمةموضوع: عظمة القرآن (4)   عظمة القرآن (4) I_icon_minitimeالأربعاء مايو 03, 2023 3:00 am

عظمة القرآن (4)


الحمد لله منزل الكتاب، والصلاة والسلام على صاحب الرشد والصواب، وعلى آله وأصحابه أولي النهى والألباب ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب، أما بعد.


فللقرآن مكانة لا بد أن تظهر على المؤمن بسلوك يعظّم فيه كتاب ربه، ووقار يعلوه إن جلس له، وعمل يُرى عليه برُقيّ في معارج الفضائل، وهو الفارق بعد أن يعرف المؤمن الكتاب والإيمان، ليسير على الصراط المستقيم، كما قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى].




آداب تلاوة القرآن


وإن عَلِم المؤمن عظمة كتاب الله تعالى وجب عليه أن يتأدب معه ويعظمه، بالتواضع في أخذه وتلقّيه، وفي إقرائه وتعليمه، واللصوق إلى الأرض وثني الركب، وذكر بعضهم أن يكون على طهارة كاملة، نظيف الثياب، متطيبا، مستاكا، ساكنا، خاشعا، متواضعا، مستحضرا عظمة الله تعالى، متدبرا لمعاني القرآن، ومتأثرا بما وَرَد فيه من الآيات والأحكام، فعندما يقرأ أو يستمع إلى آيات النعيم والجِنان يعلو وجهه البِشر والفرح آملًا أن يكون من الذين يحظَون بالدرجات العاليات في جنةٍ عرضها الأرض والسماوات، وعند آيات العذاب والنار -والعياذ بالله- يقشعر جلده ويعلوه الخوف والرهبة من عذاب الله تعالى، ومن ذلك أيضا أخذه من أفواه المشايخ وأهل القراءات ليقرأه المسلم مجوّدا مرتلا كما أُنزل؛ فإن جبريل عليه السلام كان يلقّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا القرآن، قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّنه الصحابة رضي الله عنهم، ولقّنه الصحابة للتابعين رحمهم الله، وهكذا حتى وصل إلينا محفوظا غضا طريا كما أنزل، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر].


وقد أُثر عن السلف رحمهم الله تعظيم القرآن والتأدب معه والبذل له، ومن ذلك ما جاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب، ذاك الإمام العالم العامل، الذي سمع من عثمان رضي الله عنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه" [البخاري]، "وكان الإمام أبو عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل يقول لما يروي هذا الحديث عن عثمان "هذا الذي أقعدني مقعدي هذا"، يشير إلى كونه جالساً في المجلس الجامع بالكوفة يعلم القرآن ويقرئه مع جلالة قدره وكثرة علمه، وحاجة الناس إلى علمه، وبقي يقرئ الناس بجامع الكوفة أكثر من أربعين سنة وعليه قرأ الحسن والحسين رضي الله عنهما". [النشر]




من صور تعظيم القرآن


ومن صور تعظيم القرآن تعاهده وعدم هجره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشدُّ تَفَصِّيا (تفلتا) من الإبل في عقلها) [البخاري]، وذلك بأن يقرأه المؤمن ويحفظه ويتدارسه ويواظب على تلاوته ويتدبره، ويكرر الختمات، وذلك في رمضان وغير رمضان، فإن رمضان موسم التفرغ للقرآن ليعيش المؤمن مع القرآن كل أوقاته، حتى إذا خرج من رمضان أدرك كيف يجعل وقته كله في نور وسعادة وذلك بملازمته للقرآن، فيستمر المؤمن في تلاوته وختمه بعد رمضان، وبئس القوم الذين لا يعرفون القرآن إلا في رمضان، قيل لبِشْرٍ: "إن قومًا يجتهدون ويتعبدون في رمضان". فقال: "بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، إن الصالح يجتهد ويتعبد السنة كلها".


وكذلك الصلاة بالقرآن ومواصلة قيام الليل وقراءة القرآن بتدبر، فيكون المؤمن في حياة مع القرآن.


وإن كثرة القراءة دليل على صحة القلب، قال عثمان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام الله وما أحب أن يأتي علي يوم ولا ليلة إلا أنظر في كلام الله يعني في المصحف" [حلية الأولياء].




الاستشفاء به


ومن تعظيم القرآن أن يعيش المؤمن مع القرآن حال سرائه وضرائه حال صحته ومرضه، فإن أصابه مرض أو ألمٌ بادر إلى الرقية، وقد غلب على أهل زماننا الاستشفاء بالأدوية والعقاقير الحسية وتوكلوا عليها بالكليّة! وأهملوا بالكليّة التداوي بالقرآن مع أنه أقوى الأدوية لمن وُفّق إلى ذلك، وفيه يقول ابن القيم: "فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه" [زاد المعاد]، وقد رقى الصحابة بالقرآن من لدغه عقرب فعافاه الله منها.




تعلم تفسيره


ومن تعظيم القرآن أن يتعلم الإنسان تفسير آيات القرآن، فإن معرفة تفسير القرآن من أهم ما يعين على تدبره ومعرفة عظمته وانتفاع قارئه به، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه القرآن مع معانيه وما فيه من العلم والعمل، عن أبي عبد الرحمن قال: "حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا فعلمنا العلم والعمل" [أحمد]، فمن أخذ خمس أو عشر آيات يعرف معناها وما يتطلبه من عمل تجاهها، فإن ازداد ازداد علما وعملا، وبهذا سما القرّاء في عهد الصحابة وكانت لهم المكانة فهم الفقهاء وهم القضاة وهم القادة وهم من يمثل هذه الأمة وهم القدوة وهم في مقدمة كل خير لهذه الأمة، فرفعوها لما رفعهم الله بالقرآن وعملوا به، وعندما يكون القرآن يؤخذ للترنم به وافتتاح اللقاءات والحفلات ولا يعي قرّاؤه ما فيه من الأحكام ولا ينزجرون عن زواجره ولا يخافون وعيده ولا يعملون بما فيه، يكون غيرهم أبعد عن ذلك كله فترى العجب العجاب من فساد في التوحيد والولاء والبراء ومعاداة من يعمل بالقرآن الذين يحكمون بشرع الله أو يجاهدون في سبيل الله، فيقلبون لهم ظهر المجنّ، رغم وضوح آي القرآن في صواب ما عليه المجاهدون المحكّمون لشرع الله تعالى.




تعليم الجهال والصبيان


ومن تعظيم القرآن أن يُعلّم الصغار والجهال القرآن، وخاصة تعليمهم الفاتحة وقصار السور التي يحتاجونها في صلاتهم، وتعظيم القرآن في نفوس الصبيان وحثهم على الاهتمام به، ويُشجع الكبار والصغار والرجال والنساء، ويكرّم من أتم حفظ كتاب الله تعالى بما يُشعره بعظيم صنيعه وما يشجع غيره كذلك على هذا الخير العظيم، فقد كان عمر رضي الله عنه يكافئ من أتم حفظ كتاب الله تعالى من أهل الأمصار.


ومن ذلك إحياء مجالس القرآن وحلق العلم وتعليم القرآن، فإنه من أهم ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة]، قال الطبري: "وقوله: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ) يقول: ويعلمهم كتاب الله، وما فيه من أمر الله ونهيه، وشرائع دينه (وَالْحِكْمَةَ) يعني بالحكمة: السنن" [التفسير]، وهو عمل الخلفاء والولاة بعده عليه الصلاة والسلام، قال عمر رضي الله عنه: "اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار وإني إنما بعثتهم عليهم ليعدلوا عليهم وليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ويقسموا فيهم فيئهم ويرفعوا إليّ ما أشكل عليهم من أمرهم" [مسلم].


وإن بقاء القرآن في الناس وإحياء مجالسه بينهم مؤشر قوي في صلاح حالهم وإن طال الزمن، فإن القرآن مصدر قوة هذه الأمة وسر صمودها وتماسك عقيدتها على مر الأزمان واختلاف البقاع، ووجود القرآن في الأرض حياة لأهلها وأمان لهم من الشرور، حتى إذا فسدت الخليقة ولم تكن أهلا ليكون بينها كتاب الله رفع الله هذا الكتاب من الصدور والصحف، فلا يذكرون منه شيئا ولا يجدون منه حرفا، وقال عبد الله بن مسعود: "لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن ثم يفيضون في الشعر". [شرح السنة للبغوي]، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل، له دوي حول العرش كدوي النحل يقول أتلى ولا يعمل بي"، وقال الليث بن سعد: يقال: "إنما يرفع القرآن حين يقبل الناس على الكتب ويكبون عليها ويتركون القرآن". [مختصر قيام الليل للمروزي]


فالحمد لله على نعمة هذا الكتاب الكريم وهذه الرحمة الجليلة، فعلينا أن نقوم به خير قيام، وذلك بإقامة حروفه وحدوده وتحكيمه بين الناس ونبذ كل ما عداه وعاداه.
اللهم اجعل القرآن حجة لنا لا علينا واجعلنا ممن يقيم حروفه وحدوده، اللهم ذكّرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (388)
الخميس 7 شوال 1444 هـ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عظمة القرآن (4)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» " عظمة القرآن "
» عظمة القرآن (2)
» عظمة القرآن (3)
» هجر القرآن
» ( معاني آيات القرآن )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة الشرعية :: قسم القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: