المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 عظمة القرآن (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

عظمة القرآن (2) Empty
مُساهمةموضوع: عظمة القرآن (2)   عظمة القرآن (2) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 05, 2023 5:04 pm

عظمة القرآن (2)


الحمد لله منزل الكتاب، والصلاة والسلام على صاحب الرشد والصواب، وعلى آله وأصحابه أولي النهى والألباب ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب، أما بعد.


فإن الحديث عن عظمة كتاب الله تعالى، فرع عن الكلام في عظمة الله تعالى، الذي خلق كل شيء وهدى، ولذا فإنه لا يمكن لبشر أن يحصي -ولو يسيرا- من حق هذا الكتاب ووصفه وتبيين عظمته؛ ولا عجب، هو المعجزة الخالدة، والكتاب المحكم المهيمن، والرحمة والشفاء والشرف لمن حمله بحقه، وإنما نورد ههنا شيئا نذكّر به المؤمنين بما لهذا الكتاب من مكانة لعلهم يذّكرون وله يعظّمون وبأمره يعملون ومن وعيده يحذرون.




{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}


لا شيء مما يحتاجه العباد إلا وجدوه في هذا القرآن علِمَه من علِمَه وجهِلَه من جهِلَه، قال الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام]، قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري: "{ما فرطنا في الكتاب من شيء}، قال: لم نُغفِل الكتاب، ما من شيء إلا وهو في الكتاب" [التفسير]، فما من شيء يحتاج له الفرد أو الجماعة من عِلم في العقائد والعبادات والمعاملات أو الأخلاق أو الأحكام، ففي القرآن ذِكره بدلالة صريحة أو ضمنية أو مقتضية.


وهو الذي يكفي عن كل شيء، فقد تكرر طلب قريش للمعجزات من النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله -جل وعلا- عليه: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} قال ابن كثير: "أي: أولم يكفهم آية أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم، الذي فيه خبر ما قبلهم، ونبأ ما بعدهم، وحكم ما بينهم، وأنت رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب، ولم تخالط أحدا من أهل الكتاب، فجئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى، ببيان الصواب مما اختلفوا فيه، وبالحق الواضح البين الجلي" [التفسير].




{قَوْلا ثَقِيلا}


وهو ثقيل ثقيل تعجز الجبال عن حمل أعبائه بل تتشقق وتنهدّ وتخرّ إن نزل عليها، قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا}، ذكر الطبري عن الحسن: "قال: العمل به، قال: إن الرجل لَيَهُذُّ السورة، ولكنّ العمل به ثقيل"، وذكر عن قتادة قوله: "ثقيل والله فرائضه وحدوده" [التفسير]. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجد شدة إذا نزل عليه الوحي، حتى أن الناقة لتثقل وإنه ليتصبّب عرقا في الليلة الشاتية، عن عبد الله بن عمرو قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تفيض) [رواه أحمد]، وعن عائشة رضي الله عنها: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: (أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عَلَيّ، فَيَفْصِمُ عني وقد وَعَيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول)، قالت عائشة: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم في اليوم الشديد البرد، فَيَفْصِمُ عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا" [البخاري]، وعن عائشة قالت: "إن كان ليوحَى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، فتضرب بِجرَانها" [أحمد]، وقيل الجران: هو باطن العنق.


وإن كان ثقيلا وجب حمله بقوة وعزم، لأنه جِماع الدين وأصله، وقد أمر الله الأمم السابقة بأخذ كتاب الله بقوة قال الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ}، وقال ليحيى عليه السلام: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وقال لبني إسرائيل {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [الأعراف]، فعلى أهل العلم وحملة القرآن أن يكونوا آخذيه بقوة ملتزمين بأوامره منتهين عن نواهيه مبلّغين غيرهم كلام الله ويُعلّمون الناس معانيه، ويحكمون به، ولا سبيل للحكم به إلا بالجهاد في سبيل الله، وهذا يوجب على القراء دعوة الناس للجهاد لتحكيم هذا الكتاب الكريم، فإنه كتاب عزيز لا بد أن يُؤخذ بقوة وتنفّذ أحكامه بقوة وسلطان وعزّ، وهذا سبيله قال الله تعالى: {وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون]، ولا ينتظر المؤمن من الكافر الشرقي أو الغربي أن يأذن له في تحكيم كتاب الله أو يجمع أصوات الغثاء ليستطيع الحكم بكتاب الله، كما يعرض الكافرون بالله أحكامَ القرآن كبضاعة في المجالس البرلمانية الشركية لتُقبل أو تُردّ، فإنه سبيل يأباه رب العزة سبحانه بل يأمر بقتال من يفعل ذلك قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة].


وقد أنزل الله القرآن مفرّقا ليقع على القلوب وتعيه، كما قال سبحانه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء]، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان]، قال ابن كثير: "يقول تعالى مخبراً عن كثرة اعتراض الكفار وتعنّتهم، وكلامهم فيما لا يعنيهم، حيث قالوا: {لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} أي: هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحي إليه جملة واحدة، كما نزلت الكتب قبله، كالتوراة والإنجيل والزبور، وغيرها من الكتب الإلهية، فأجابهم الله عن ذلك بأنه إنما أنزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث، وما يحتاج إليه من الأحكام لتثبيت قلوب المؤمنين به" [التفسير]




شفاء لا شقاء


ومن لزِمه أمِن من الشقاء، قال الله تعالى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه]، فمن أراد السعادة فلا يفارق كلام ربه، وأبشر يا من كان كثير القراءة للقرآن بأنك لن تكون شقيا، بل أنت على درب أهل الخشية، لذلك قال الله: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}، بل هو علاج للأمراض الروحية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس]، قال الطبري: "جعله الله للمؤمنين شفاءً، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وَساوس الشيطان وَخطراته، فيَكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته" [التفسير]. وجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي)، فإن أصابك همٌ فافتح كتاب الله، وإن ضاقت بك الخطوب فعُدْ لكتاب الله واملأ عينيك من قراءته، وطيّب أذنك بسماع آياته.


وهو الشفاء لأمراض الأبدان أيضا، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء]، وذلك بما يُقرأ من آيات الرقية، من الفاتحة وآية الكرسي وغيرها، كما في قصة الصحابي الذي قرأ الفاتحة على الذي لدغه عقرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أنها رقية) [متفق عليه].


وإن لحظات قراءته من أشرف الأوقات في حياة المؤمن، قال الله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} [يونس]، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو القرآن، فقال سبحانه: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} [العنكبوت]، {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل]، وأمَرَ المؤمنين بتلاوته، لئلا تخلو بيوتهم من هذا النور وتسودها الوحشة والظلمة، قال الله مخاطبا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب]، فما أحوج بيوتنا إلى هذا النور وهذه الرحمة.




لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ


وكل شيء يُمل بتكراره إلا كلام الله فإنه منزّه عن ذلك، فلا يزيد تكراره وترداده إلا علما وخشية ورسوخا، بل إن تكراره أبلغ سبيل لاستخراج كنوزه وجواهره ولطائف معانيه، قال الإمام الشاطبي رحمه الله:


"وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِع
وَأَغْنى غَنَاءً وَاهِباً مُتَفَضِّلاَ
وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ
وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلا"




{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ}


وإن القرآن ليشرّف أهله وحملته، الذين يقيمون حروفه وحدوده، قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، قال ابن كثير: "قيل: معناه لشرف لك ولقومك، وقال: وقيل معناه: أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم، فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخُلَّص من المهاجرين السابقين الأولين، ومن شابههم وتابعهم"، ثم قال: "{وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} أي: عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له" [التفسير]، فكل من كان لهذا الكتاب آخذا وبه عاملا شرّفه الله ورفعه، عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال من استعملت على أهل الوادي فقال ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض، قال عمر أَمَا إن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) [مسلم]، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُجلّون من حفظ البقرة وآل عمران، قال أنس رضي الله عنه: "وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران يعد فينا عظيما" [أحمد]، ويعني ذلك أن من كانت عنده هاتان السورتان وعلم معانيها وفقهها وعمل بها صار ذا مكانة عالية بينهم؛ لأنهم يأخذون القرآن بالعلم والعمل.




(أهل الله وخاصته)


بل خص الله أهل القرآن بما لم يخص به غيرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله أهلين من خلقه)، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) [النسائي]، وتوقير أهل القرآن من تعظيم الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط) [أبو داود]، وقيل: الغالي فيه: المجاوز حده، والجافي عنه: التارك له والبعيد عنه.


فهنيئا لمن كان من أهل الله، فهو المحبوب المرضي عنه المحفوف بالحفظ والتوفيق، وهو الولي، يغدو ويروح في رحمة الله.


اللهم ارحمنا بالقرآن واجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (384)
الخميس 8 رمضان 1444 هـ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.

الغريب يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عظمة القرآن (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» " عظمة القرآن "
» عظمة القرآن (3)
» عظمة القرآن (4)
» هجر القرآن
» ( معاني آيات القرآن )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة الشرعية :: قسم القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: