المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم- Empty
مُساهمةموضوع: النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم-   النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم- I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 21, 2023 7:10 pm

النعيم المقيم (5) 
-صفة أهل الجنة وكسوتهم-


الحمد لله الذي جعل الجنة أجرا للعاملين ودارا للمتقين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجّلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.


فالجنة وما فيها من جمال، ونفس المؤمن وجسده ولباسه وما عليه من الأساور من جمال، فتلك دار النعيم كَمُل نعيمها ولان عيشها وتوسع سرورها، فهي لعباد الرحمن مستقر ومآب ومأوى، ونكمل في وصف النعيم المقيم في الجنة ونتحدث اليوم عن صفة أهل الجنة وكسوتهم.




نضرة النعيم


إنّ وجوه أهل الجنة مضيئة منيرة ناعمة، تعلوها البهجة والسرور بدخولها دار النعيم، وبما وجدت من التباشير والتحايا من الملائكة، ومن الأزواج والخدم وعظيم الملك، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ}، قال ابن كثير رحمه الله: "قال الله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} وهذا من باب التجانس البليغ، {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} أي: آمنهم مما خافوا منه، {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً} أي: في وجوههم، {وَسُرُورًا} أي: في قلوبهم، قاله الحسن البصري، وقتادة، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وهذه كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ}، وذلك أن القلب إذا سُرَّ استنار الوجه" [التفسير]


وفي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول زمرة يدخلون الجنة كأن وجوههم ضوء القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على لون أحسن كوكب دري في السماء).


ووجوههم ناعمة لا كلح فيها ولا تعب ولا اكفهرار، فقد ولّى الشقاء والكدر في الدنيا بلا رجعة، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} [الغاشية] قال ابن كثير رحمه الله: "أي: يعرف النعيم فيها، وإنما حصل لها ذلك بسعيها" [التفسير].


فتعب العبادة في الدنيا وشظف العيش والكد والصبر وكل ما لاقاه المؤمن في حياته من كبد؛ أعقبه نعومة دائمة في الوجوه والحياة داخل الجنة.


ونضرة النعيم واضحة فيهم، كما قال الله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم} [المطففين]، قال البغوي: “إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض" [التفسير]، وقال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة} [القيامة].


وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صفة وجوه هؤلاء الأبرار، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء، ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة، بمكانهم من الله تعالى) قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم، قال: (هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس) وقرأ هذه الآية: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [أبو داود].


وأما عن طول أجسادهم وجمالها، ففي الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خلق اللهُ آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكلُّ مَن يدخل الجنةَ على صورة آدم..)، وورد في وصفهم أيضا أنهم مردُ الوجوه لا لحى فيها، ومكحّلين خِلقَة جمّلهم الله بها كما روي عَنْ أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ) [الطبراني]، كما رويت أحاديث أخرى تتحدث عن أعمار أهل الجنة وأنهم يكونون: (أبناء ثلاث وثلاثين) [أحمد]، وقد علّق الإمام ابن القيم على ما تقدّم من أوصاف أهل الجنة فقال: "وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات لأنه أكمل سن القوة مع عظم الآت اللذة وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها بحيث يصل في اليوم الواحد إلى مئة عذراء" [حادي الأرواح].


وهم مع ذلك يظل شبابهم للأبد لا يتغير ولا يكبرون عن سنّهم ولا تتغير ثيابهم فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من يدخل الجنة ينعم لا يبأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) [مسلم].


وليس في الجنة ذلّ في الظاهر ولا في الباطن، قال الله تعالى: {إنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه]، قال ابن كثير: "{إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى} إنما قرن بين الجوع والعُرْي؛ لأن الجوع ذُلّ الباطن، والعري ذُلّ الظاهر، {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} وهذان أيضًا متقابلان، فالظمأ: حر الباطن، وهو العطش، والضحى: حر الظاهر". [التفسير]


وإن أجسادهم آمنة من كل آفة من مرض أو موت أو هرم أو ضعف أو تنكّس في الخلق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ينادي منادٍ إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا) [رواه مسلم].


وقد طُهّرت أجسادهم من كل سوء فلا يدخلها إلا حَسَنٌ ولا يخرج منها إلا طيّب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون) قالوا: فما بال الطعام؟ قال: (جشاء ورشح كرشح المسك…). [مسلم]، وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أول زمرة تدخل الجنة أن: (أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوّة وأزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء) [متفق عليه].


وأما نَفَسهم وزفيرهم وشهيقهم فهو سبحان الله والحمد لله والله أكبر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يلهمون التسبيح والتحميد، كما تلهمون النفس) [مسلم]، قال ابن حجر: "(قوله يسبحون الله بكرة وعشيا) أي: قدرهما، قال القرطبي هذا التسبيح ليس عن تكليف وإلزام وقد فسره جابر في حديثه عند مسلم بقوله يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس ووجه التشبيه أن تنفس الإنسان لا كلفة عليه فيه ولا بد له منه فجعل تنفسهم تسبيحا وسببه أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب سبحانه وامتلأت بحبه ومن أحب شيئا أكثر من ذكره" [فتح الباري]، فطابت الأجساد وطابت الأنفاس.


ومن صفات أهل الجنة أن قلوبهم رقيقة كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير) [مسلم].




كسوة أهل الجنة وحللهم


وإن كانت تلك أجسادهم فحُق لها أن تُكسى بأحسن الحُلل، نعم إنها كسوة الملوك يتوشحون بها، قال الله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف] قال البغوي: "قال سعيد بن جبير: يُحلّى كل واحد منهم ثلاث أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ ويواقيت {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ} وهو ما رقّ من الديباج {وَإِسْتَبْرَقٍ} وهو ما غلظ منه ومعنى الغلظ في ثياب الجنة: إحكامه، وعن أبي عمران الجوني قال: السندس هو الديباج المنسوج بالذهب، {مُتَّكِئِينَ فِيهَا} في الجنان {عَلَى الأرَائِكِ} وهي السرر في الحجال واحدتها أريكة" [التفسير].


وفي المعجم الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا، لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا)، وهذه الحلية تبلغ من يد المؤمن حيث يبلغ ماء الوضوء، فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تبلغ الحليةُ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء) [مسلم].


وجاء أن لباسهم يخرج من ثمار الجنة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: "بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله أخبرنا عن ثياب الجنة أخلق يخلق أو نسيج ينسج، فضحك بعض القوم، فقال لهم: تضحكون أن جاهلا يسأل عالما، فجلس يسيرا أو قليلا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أين السائل عن ثياب الجنة؟ قال: ها هو ذا يا رسول الله، قال: لا بل تشقق عنها ثمر الجنة، قالها ثلاثا" [النسائي].


وبعد كسوتهم الفارهة فإنهم يلتقون على السرر متقابلين، قال تعالى: {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} قال الطبري: "وقوله: (مُتَقَابِلِينَ) يعني أنهم في الجنة يقابل بعضهم بعضا بالوجوه، ولا ينظر بعضهم في قفا بعض" [التفسير].


وقال جل وعلا: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} قال الطبري: "يقول: ولبوسهم التي تلي أبشارهم فيها ثياب حرير". [التفسير]


هذا يسير مما أعده الله لأوليائه في الجنة، فإن أهل الجنة مقبلون على ملِكٍ كريم سبحانه لا يخلف الميعاد وعنده خزائن كل شيء.


اللهم أدخلنا الجنة واجعلها دارنا وقرارنا، وثبتنا على الحق حتى نلقاك، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (378)
الخميس 25 رجب 1444 هـ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  النعيم المقيم (7) - نساء أهل الجنة -
» النعيم المقيم (3)- درجات الجنة ومساكنها
» النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها
» النعيم المقيم (6) -طعام أهل الجنة وشرابهم-
» النعيم المقيم (8) -أعظم نعيم الجنة-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: