المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها Empty
مُساهمةموضوع: النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها   النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها I_icon_minitimeالأحد فبراير 12, 2023 12:31 pm

النعيم المقيم (4)
أشجار الجنة وأنهارها


الحمد لله الذي جعل الجنة أجرا للعاملين ودارا للمتقين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجّلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.


فكلما أرّقك الطريق أو أتعبتك الأشواك يا عبد الله، تذكر أن الجنة موجودة الآن بزينتها وجمالها، مهيّئة معدّة لأهلها الصالحين العابدين الخاشعين المجاهدين الذاكرين الصائمين، إن دخلوا مبانيها أظلتهم قصورها وغرفها وخيامها وإن خرجوا إلى باحة الجنة فهم في ظلال أشجارها التي لا تيبس ولا تتغيّر، وأرضها التي تعبق مسكا وطيبا، وأنهارها التي فيها اللذة في شرابها وصفائها، ونعم دار المتقين.




أرض الجنة وترابها


وفي الجنة يتقلب المؤمن بين القصور وخيام الدرّ، وبين أرض الجنة وأشجارها وبساتينها وأنهارها، فأما أرضها وتربتها فهي معطّرة بالمسك بل هي المسك قال نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الإسراء والمعراج: (ثم أُدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ -أي: قباب- اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك) [البخاري]، وأما أحجارها وحصباؤها فهي جواهر منثورة هنا وهناك، وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجنة فقال: (لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران من دخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم) [الترمذي]، قال ابن رجب: "والملاط: التراب الذي يختلط بالماء، فيصير كالطين، فلونه لون الزعفران في بهجته وإشراقه، وريحه كريح المسك، وطعمه كطعم الخبز، يؤكل" [فتح الباري]


فما أجمل هذه الأرض وما أطيب ريحها وإن كان هذا ريحها فما بالك بريح ما يلتحف به أهل الجنة من الحُلل؟!، وما بالك بأجساد المؤمنين التي عرقها المسك؟!، فحلّق واسرح في خيالك محاولا إدراك هذا النعيم الذي لن تحيط به حتى تناله، نسأل الله أن نكون وإياكم من أهل الجنة.




دانية ظلالها


وإن قصدت أشجار الجنة وبساتينها فإن وصفها عجيب، قال الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد]، قال ابن جرير: "عن ابن عباس: (طوبى لهم) شجرة في الجنة، وعن أبي هريرة قال: (طوبى لهم): شجرة في الجنة يقول لها: "تَفَتَّقي لعبدي عما شاء! فتتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجُمها، وعن الإبل بأزمّتها، وعما شاء من الكسوة" [التفسير]، وقال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد]، قال ابن جرير: "(وظلها)، يقول: وظلها أيضًا دائم، لأنه لا شمس فيها". [التفسير]، وقال تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلّاً ظَلِيلاً} [النساء]، وظلال الجنة قريبة وثمارها دانية، قال ربنا الكريم سبحانه: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان] قال ابن كثير: "{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} أي: قريبة إليهم أغصانها، {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} أي: متى تعاطاه دنا القطف إليه وتدلى من أعلى غصنه، كأنه سامع طائع، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن] وقال تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة]، قال مجاهد: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد تدلت له حتى ينالها، وإن اضطجع تدلت له حتى ينالها، فذلك قوله: {تَذْلِيلًا}، وقال قتادة: لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد، وقال مجاهد: أرض الجنة من ورق، وترابها المسك، وأصول شجرها من ذهب وفضة، وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت، والورق والثمر بين ذلك. فمن أكل منها قائما لم يؤذه، ومن أكل منها قاعدا لم يؤذه، ومن أكل منها مضطجعا لم يؤذه" [التفسير]. وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [المرسلات]، وقال تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس].


وفي الجنة أفنان لعباد الله المتقين، قال تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن]، قال ابن كثير: "أي: أغصان نضرة حسنة، تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة، وقال عطاء: كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة، وقال الربيع بن أنس: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}: واسعتا الفناء". [التفسير]


وبعضها جنان خضراء في شدة الخضرة التي لا تصفرّ ولا تتغيّر، قال تعالى: {مُدْهَامَّتَان} [الرحمن]، قال ابن كثير: "قال ابن عباس في قوله: {مُدْهَامَّتَان} قد اسودتا من الخضرة، من شدة الري من الماء" [التفسير].


وقد ذكر ربنا الرحمن سبحانه أن في الجنة ظلا طويلا فقال: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة]، وفي هذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها) [متفق عليه].


وليس في الجنة شوك في شجرها، قال الله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة]، وذكر المفسرون أن معنى مخضود: الذي قد خُضد شوكه، أي نُزِع وقطع فلا شوك فيه. وجاء في مستدرك الحاكم وصححه الذهبي، أن أعرابيا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وما هي)؟ قال: السدر، فإن لها شوكا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (في سدر مخضود، يخضد الله شوكه فيجعل مكان كل شوكة ثمرة فإنها تنبت ثمرا تفتق الثمرة معها عن اثنين وسبعين لونا ما منها لون يشبه الآخر).


وذكر ابن القيم عن بعض السلف: "أن نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر وكربها ذهب أحمر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء، أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس فيها عجم". [حادي الأرواح]


وإن أقل موضع في أرض الجنة أعظم من الدنيا بأسرها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها) [البخاري].


وإن أحب عبد الزرع في الجنة فإن له ذلك، عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث يوما وعنده رجل من أهل البادية: "أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه عز وجل في الزرع فقال له: أولست فيما اشتهيت، فقال: بلى ولكني أحب أن أزرع فأسرع وبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال، فيقول الله عز وجل: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء، فقال الأعرابي: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم" [البخاري].


وإن سألت عن جو الجنة ونسيمها فهو الذي تحبّه النفوس، فقد قال الله تعالى: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا}، قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي: ليس عندهم حر مزعج، ولا برد مؤلم، بل هي مزاج واحد دائم سرمدي، {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف]" 
[التفسير].




أنهار الجنة


وإن مشيت في الجنة ففيها الأنهار الجارية، لكنها لا تجري على الحفر والأخاديد كأنهار الدنيا إنما تجري على الأرض كما هي، عن مسروق قال: "أنهار الجنة تجري في غير أخدود، وثمرها كالقلال، كلما نزعت ثمرة عادت أخرى، والعنقود اثنا عشر ذراعا". 
[مصنف ابن أبي شيبة]


وهذه الأنهار تتفجر من الفردوس الأعلى قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في الفردوس: (ومنه تفجّر أنهار الجنة). [البخاري]
وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأنهار فروع من بحار في الجنة فقال: (في الجنة بحر اللبن، وبحر الماء، وبحر العسل، وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار منها بعد) [أحمد].


وهي أيضا تجري من تحتهم وتحت جنانهم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يونس]، وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة]، وهي من ماء وخمر ولبن وعسل، ولكنها لا تشبه شيئا من مذاق الدنيا بل خالية من كل نقص وكدر، قال الله تعالى: 
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد]، قال الإمام الطبري: "يقول تعالى ذكره في هذه الجنة التي ذكرها: أنهار من ماء غير متغير الريح، وقوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} يقول تعالى ذكره: وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه لأنه لم يحلب من حيوان فيتغير طعمه بالخروج من الضروع، ولكنه خلقه الله ابتداء في الأنهار، فهو بهيئته لم يتغير عما خلقه عليه. وقوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} يقول: وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين يلتذّون بشربها. وقوله: {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} يقول: وفيها أنهار من عسل قد صُفِّي من القَذى، وما يكون في عسل أهل الدنيا قبل التصفية، إنما أعلم تعالى ذكره عباده بوصفه ذلك العسل بأنه مصفى أنه خلق في الأنهار ابتداء سائلا جاريا سيل الماء واللبن المخلوقين فيها، فهو من أجل ذلك مصفًّى، قد صفاه الله من الأقذاء التي تكون في عسل أهل الدنيا الذي لا يصفو من الأقذاء إلا بعد التصفية، لأنه كان في شمع فصُفي منه". 
[التفسير مختصرا]


فيا عبد الله، هذه أشجار الجنة وأنهارها، وهذه ظلالها وقطوفها، وهذا بعض نعيمها الذي أعدّه الله تعالى لعباده المؤمنين، فجدّ السير نحوها، وتخفّف من أحمال الدنيا؛ لتسرع في المسير إليها، وسنذكر -فيما بعد- تكملة الوصف لهذا النعيم المقيم، والفوز العظيم، إن شاء الله تعالى.


اللهم أدخلنا الجنة واجعلها دارنا وقرارنا، وثبتنا على الحق حتى نلقاك، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (377)
الخميس 18 رجب 1444 هـ
التفريغ من إعداد : موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم-
»  النعيم المقيم (7) - نساء أهل الجنة -
» النعيم المقيم (3)- درجات الجنة ومساكنها
» النعيم المقيم (6) -طعام أهل الجنة وشرابهم-
» النعيم المقيم (8) -أعظم نعيم الجنة-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: