المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 النعيم المقيم (2)-التشويق للجنة-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

النعيم المقيم (2)-التشويق للجنة- Empty
مُساهمةموضوع: النعيم المقيم (2)-التشويق للجنة-   النعيم المقيم (2)-التشويق للجنة- I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 31, 2023 12:43 pm

النعيم المقيم (2) 
-التشويق للجنة-




الحمد لله الذي جعل الجنة أجرا للعاملين ودارا للمتقين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجّلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.


هنيئا للداخلين وطوبى لوفد المتقين، ما أعظم تلك اللحظات التي انتظرها المؤمن طيلة حياة الدنيا والبرزخ ويوم العرض، إنها المحطة الأخيرة حيث المستقر النهائي، حيث دارنا الأولى، بذلك الدخول تنتهي كلُّ الهموم وتُؤْمَن كلُّ المخاوف، ما أشد شوق الأذن لسماع (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، ولئن كان السلام يأخذ بالقلوب فبشرى الخلود تمام السلام وسكون الأفئدة والأركان، كيف سيدخلون ومَن يستقبلهم وبأي كلمات يُرحّب بهم وما مراكبهم في مواكبهم؟ هذا ما سنعرفه عن أهل الجنة في هذا المقال إن شاء الله تعالى.




أبواب الجنة


قال الله تعالى واصفا حال دخول المتقين للجنة: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر]، قال ابن كثير رحمه الله: "أي: جماعة بعد جماعة: المقربون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضا" [التفسير].


فإلى دار الكرامة يدخل أكرم الناس على الله الأول فالأول، وفي يوم القيامة يظهر فضل نبينا -صلى الله عليه وسلم- على سائر الخلق، فهو صاحب الشفاعة والحوض، وأول من يقرع باب الجنة فيؤذن له بعد تشاور الناس فيمن يستأذن لهم في الدخول، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: مَن أنت؟ فأقول محمد، فيقول بك أُمرت لا أفتح لأحد قبلك) [مسلم]، وعنه أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة). [مسلم]


ثم بعد دخوله -صلى الله عليه وسلم- تدخل خير الأمم وأكرمها على الله، إنها الأمة المرحومة أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- التي لم تبدل ولم تغيّر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَومَ القِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ). [متفق عليه]، قال النووي رحمه الله في شرح الحديث: "قال العلماء: معناه الآخِرون في الزمان والوجود، السابقون بالفضل ودخول الجنة، فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائر الأمم" [شرح مسلم].


وقد تحدثت السنة الصحيحة عن سعة أبواب الجنة فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى) [متفق عليه]، قال النووي: "المصراعان هما: جانبا الباب"، فإن كانت هذه سعة أبواب الجنة فكيف بسعتها هي؟!


وللجنة ثمانية أبواب كما جاء ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: (فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ) [البخاري]، وفي حديث غيره قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (…فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلاةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهادِ، دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيامِ، دُعِيَ مِن بابِ الرَّيّانِ) [متفق عليه]، وأعلاها باب الجهاد، فهنيئا للمجاهدين الذين سهرت عيونهم وتخضّبت نحورهم بدمائهم وكابدوا الصعاب لإقامة شرع الله تعالى، أولئك الأعلون، قال ابن القيم:


أبوابها حق ثمانية أتت
في النص وهي لصاحب الإحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها وباب
الصوم يدعى الباب بالريان
ولكل سعي صالـــح باب ورب
السعي منه داخــل بأمـان


وإن أول زمرة تدخل الجنة -جعلنا الله وإياكم منهم- جاءت صفتهم في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب أمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة -أي بخورهم من العود-، ورشحهم -أي عرقهم- المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا). [متفق عليه]


ويسبق فقراء المهاجرين غيرهم إلى الجنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا). [مسلم]، قال ابن تيمية رحمه الله: "فالفقراء متقدمون في دخول الجنة لخفة الحساب عليهم، والأغنياء مؤخّرون لأجل الحساب…" [مجموع الفتاوى] ولا شك أن ذلك يكون لمن صبر على الفقر واحتسب ورضي بقضاء الله وقدره، فطوبى لمن خفّ في الدنيا عن أحمالها.


وأما في مراكبهم إلى جنانهم فقد أخبرنا الله تعالى عن ذلك الموكب فقال سبحانه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا}، قال ابن كثير: "يخبر تعالى عن أوليائه المتقين.. أنه يحشرهم يوم القيامة وفدا إليه، والوفد: هم القادمون ركبانا، ومنه الوفود، وركوبهم على نجائب من نور، من مراكب الدار الآخرة، وهم قادمون على خير موفود إليه، إلى دار كرامته ورضوانه". [التفسير]




ضيافتهم واستقبالهم


وأول شيء يُضيّف عليه أهل الجنة هو زيادة كبد الحوت ثم يُنحر لهم ثور الجنة، روى مسلم في صحيحه عن ثوبان رضي الله عنه، أن يهوديا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث طويل قال: "فمَن أول الناس إجازة يوم القيامة؟ قال: (فقراء المهاجرين)، قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: (زيادة كبد النون) قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: (ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها)، قال: فما شرابهم؟ قال: (من عين فيها تسمى سلسبيلا) قال: صدقت".


وإن أهل الجنة ليعرفون بيوتهم بدون دليل، قال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد]، قال الطبري في تفسيره: "قال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم لا يخطئون، كأنهم سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا… وقال ابن زيد: بلغنا عن غير واحد قال: يدخل أهل الجنة الجنة، ولهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا" [تفسير الطبري].


وتحييهم الملائكة وترحب بهم بأحسن التهاني وأجمل العبارات كما قال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر]، قال ابن كثير: "أي: طابت أعمالكم وأقوالكم، وطاب سعيكم فطاب جزاؤكم، كما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينادى بين المسلمين في بعض الغزوات: "إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة" وفي رواية: مؤمنة، وقوله: (فادخلوها خالدين) أي: ماكثين فيها أبدا، لا يبغون عنها حولا" [التفسير]، ويقال لهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل]


وقال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} قال ابن كثير: "أي: وتدخل عليهم الملائكة من هاهنا وهاهنا للتهنئة بدخول الجنة، فعند دخولهم إياها تفد عليهم الملائكة مسلّمين مهنئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام، والإقامة في دار السلام، في جوار الصديقين والأنبياء والرسل الكرام" [التفسير].


فما أبهى هذا الاستقبال وذاك الاحتفاء، وما أجمل ذلك الدخول إلى النعيم المقيم، ألا إنه المُلك الذي لا يشبهه ملك الدنيا، فهل بعد هذا تؤثر الدنيا على الآخرة؟! وهل بعد هذا ستتأخر وتتقاعس عن أبواب الخير؟! فجُدّ أُخَيَّ فما بقي في العُمُر إلا اليسير.. فكن بهذي الحياة بصيرا.. عِشْ عَيْشَ من لا يؤمّل إلا الجنة أن يدخلها.


اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، واجعلنا للفردوس من الوارثين، اللهم اختم لنا بالشهادة في سبيلك وأنت راضٍ عنا، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (375)
الخميس 4 رجب 1444 هـ


التفريغ من إعداد : موقع إعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النعيم المقيم (2)-التشويق للجنة-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النعيم المقيم (1) -التشويق للجنة-
» النعيم المقيم (5) -صفة أهل الجنة وكسوتهم-
»  النعيم المقيم (7) - نساء أهل الجنة -
» النعيم المقيم (3)- درجات الجنة ومساكنها
» النعيم المقيم (4)- أشجار الجنة وأنهارها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: