المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 " الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ "

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

" الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ " Empty
مُساهمةموضوع: " الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ "   " الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ " I_icon_minitimeالأحد يناير 01, 2023 1:36 pm

" الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ "


الحمد لله رب العالمين مرسل النبيين، وقاهر الكفار والمشركين، والصلاة والسلام على سيد المقاتلين مَن بُعث بالسيف رحمة للعالمين، وبعد.


"الدِّلَاصُ الدرع البراقة الصافية، والمُسَرَّدُ: المنظوم المنسوج بعضه في بعض".


منذ أن خلق الله البشر والحروب طبيعة بشرية، لذلك احتاج الإنسان للسيوف والرماح ليستعملها في الهجوم، واحتاج إلى الدروع ليستعملها في الدفاع عن نفسه وحمايتها، وهي ليست في شيء من الجبن أو الخوف، فقد أمر الله بها نبيه داود -عليه السلام-، وقد لبسها أشجع الخلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه الحكيم وعدّه نعمة من نعمه الكثيرة علينا التي تحتاج إلى شكر، فقال سبحانه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء]، قال ابن كثير: "وقوله: (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم)، يعني صنعة الدروع، قال قتادة: إنما كانت الدروع قبله صفائح، وهو أول من سرّدها حلقا، كما قال تعالى: (وألنّا لَهُ الحديدَ أنِ اعملْ سابغاتٍ وقَدّرْ في السّرد) [سبأ]، أي: لا توسع الحلقة فتقلق المسمار، ولا تغلظ المسمار فتقد الحلقة، ولهذا قال: (لِتُحصنَكم مِن بأسكم) يعني: في القتال، (فهل أنتم شاكرون) أي: نعم الله عليكم، لما ألهمَ به عبدَه داود، فعلمه ذلك من أجلكم"[التفسير]


وكما أن الحروب أنواع منها الملحمية ومنها الفكرية، كان لا بد من تنوع الدروع وتحضيرها، وكما أن الفارس يعد لأْمته ودرعه ويتجهز للحرب الملحمية، كان على من يخوض الحرب الفكرية أن يجهز دلاصَه المسرّد، وأن يعمل سابغات ويقدّر في السرد، فيجتهد في العلوم التي تكون له حصنا حصينا من الشبهات ومن سموم أهل الكفر والشقاق، ويجهز نفسه بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ويجهّز نفسه بالعلم الذي يرفع إيمانه ليقف ثابتا أمام الشهوات، ويحميه في طريقه إلى الله حتى يصل إلى نيل رضوانه سبحانه وجنة عرضها السموات والأرض.
ولذلك فعليك أخي المجاهد أن تجهّز ثلاثة دلاصات هي:




دِلاص العقيدة


أولا: دلاص العقيدة، وهو الدرع الذي يحمي مسيرك في طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام، طريق أهل السنة والجماعة، الذي يعاكسه ويصادمه طريق الفرق الضالة التي تحاول مهاجمتك بشُبه جاءت من اتّباعهم لمتشابه الكتاب والسنة، فكانوا من الاثنين وسبعين فرقة التي في النار كما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه، فدرعك أيها الموحد أن تأخذ عقيدة أهل السنة والجماعة بيضاء صافية لا شية فيها من أهلها وعلماء الملة الربانيين لا الخوارج الضالين ولا المرجئة المميعين، وسطا حنيفا مائلا عن الشرك والمدافعين عنه، فانتقِ لنفسك درعا حاميا في معركة العقيدة من كتب السلف الصالح ومن سار على نهجهم واتبع خطاهم.




دِلاص السنّة


ثانيا: دلاص السنة، وهو الدرع الحامي لك من البدع وأهلها في معركة بين أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباع البدع التي يبثها الشيطان وحزبه ليغير في دين الله، ويدخل فيه ما ليس منه وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من الابتداع في الدين وأخبرنا أن العمل المبتدع مردود على صاحبه، كما في حديث عَائِشَة أم المؤمنين رضي الله عنها أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ عَمِلَ عَملًا لَيسَ عليهِ أَمرُنَا فَهوَ رَدٌّ) [متفق عليه]


فخذ السُّنة من الصحيحين وكتبها وتفقه مِن فقهها، وإياك والتعصب لغيرها وإن كان قول من كان؛ فهذا بداية الهلاك وطريق الضياع فما في الدنيا أحد إلا ويؤخذ من قوله ويُرد، واعلم أن مخالفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عظيم، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال ابن كثير: "قوله: (فلْيحذَرِ الذين يخالفون عن أمرِه) أي: عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنا ما كان.. أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا، (أن تصيبهم فتنة) أي: في قلوبهم، من كفر أو نفاق أو بدعة، (أو يصيبهم عذاب أليم) أي: في الدنيا، بقتل، أو حد، أو حبس، أو نحو ذلك" [التفسير].




دلاص الرقائق والإيمان


ثالثا: دلاص الرقائق التي تهدف إلى زيادة الإيمان، فالقلوب كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء) [مسلم]، ولكن ربك لا يظلم أحدا، لقوله تعالى: 
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، قال القرطبي في تفسير الآية: "قوله تعالى: (من عمل صالحا فلنفسه) شرط وجوابه (ومن أساء فعليها)، والله جل وعز مستغن عن طاعة العباد، فمن أطاع فالثواب له، ومن أساء فالعقاب عليه، (وما ربك بظلام للعبيد) نفى الظلم عن نفسه جل وعز قليله وكثيره، وإذا انتفت المبالغة انتفى غيرها، دليله قوله الحق: (إن الله لا يظلم الناس شيئا)، وروى العدول الثقات، والأئمة الأثبات، عن الزاهد العدل، عن أمين الأرض، عن أمين السماء، عن الرب جل جلاله: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) الحديث. وأيضا فهو الحكيم المالك، وما يفعله المالك في ملكه لا اعتراض عليه، إذ له التصرف في ملكه بما يريد" [التفسير]


فدِلاصك إيمانك فاستعن بالأعمال الصالحة وزد إيمانك، وزد يقينك بالله فهو كما جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- في البخاري معلقا بصيغة الجزم: "اليقينُ الإيمانُ كلُّه"، وهو الذي بدّل سحرة فرعون في يوم واحد من سحرة كفار إلى مسلمين أبرار، وهو الذي جعل أصحاب الأخدود يفوزن الفوز الكبير في لحظات، وهو الذي وقر في قلب أبي بكر رضي الله عنه ففاق الناس كلها خلا الأنبياء والمرسلين.


أما أنت أيها المجاهد فأولى الناس بهذه الدروع، فأنت تقارع أمم الكفر شتى وليس الانتكاس عليك ببعيد إذا لم تحتط لنفسك! فكم من مجاهد خُتم له بالسوء وما ظلمه الله، فكما تهتم بسلاحك وعتادك، كذلك فلتهتمّ بهذا الدِّلاص المسرّد الذي يحميك من الضلال ويبقيك على الصراط المستقيم، وأنت أحوج الناس للثبات فلتتمسك به، والله سبحانه نسأل أن يتوفّانا وإياكم على الإيمان ويختم لنا بالحسنى، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد (371)
الخميس 5 جمادى الآخرة 1444 هـ
التفريغ من إعداد : موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
" الدِّلَاصُ المُسَرَّدُ "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: مكتبة المنارة :: قسم التزكية والرقائق-
انتقل الى: