المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 (الحرية في زمن العبودية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

(الحرية في زمن العبودية) Empty
مُساهمةموضوع: (الحرية في زمن العبودية)   (الحرية في زمن العبودية) I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 08, 2022 12:50 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم


***


افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (359)
الخميس 10 ربيع الأول 1444هـ
ــــــــــــــــــــــ


(الحرية في زمن العبودية) Photo_19
( الحرية في زمن العبودية )


كان من نتائج ترك المسلمين للجهاد؛ غزو الكافرين لبلادهم وسيطرتهم عليها إما مباشرة أو عبر الوكلاء، وقد صاحب هذا الغزو الميداني؛ غزو عقائدي خطير، سعوا من خلاله إلى تبديل وتغيير عقيدة المسلمين إلى أي شيء آخر غير دين الإسلام، حتى انجرف كثير من بني جلدتنا في سيل هذه الفتن ممن اتبعوا أهواءهم، فصارت قلوبهم لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا إلا ما أشْرِبت من أهوائها، وأضحوا جاهزين ليكونوا معاول هدم لدين الإسلام، فتمّ على إثر ذلك تصديرهم في الواقع والمواقع والشاشات؛ لينفثوا سمومهم، ويدعوا لباطلهم، ويشككوا المسلمين بدينهم، رافعين شعارات ولافتات كثيرة، من أخطرها: “الحرية الشخصية”!


وباسم هذه “الحرية” المزعومة تجرأ الكفرة الفجرة على الطعن في ذات الله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم يُبقوا أصلا من أصول الدين ولا فرعا من فروعه إلا طالته شبههم العابثةُ بعقيدة المسلمين، فلا بأس عند أهل هذه “الحرية” ودعاتها أن يرتد المسلم عن دينه فهو حر في اعتقاده! ولا بأس أيضا أن يفعل من الفواحش ما يشاء فهو حر في تصرفاته! ولا بأس إن ترك الصلاة والصيام والزكاة وكل العبادات ما دام لم يؤذِ أحدا غيره! وهؤلاء -الذين تقدمهم وسائل الإعلام على أنهم “مفكّرون” و”مثقّفون”- إن لم يردوا الناس عن دينهم بالكليّة، فأقلّ شرهم أنهم يفتحون باب التشكيك في فطرة الله التي فطر الناس عليها، ويحاولون أن يَنْكسوا فطرة الناس عن الهدى والفضيلة، بمزج شبهات كفرهم بالشهوات والأهواء وحظوظ النفس، وخطورة هؤلاء “المتحررين” الزنادقة في زماننا أشد وأخطر من الأزمنة السابقة، لانتشارهم وتغلغلهم بين المسلمين وتقديم التسهيلات لهم من قبل الحكومات الكافرة والمرتدة.


وترتبت على انتشار هذه الدعوة الفاسدة شرعا وعقلا -الحرية الشخصية- مفاسد عظيمة، تناقض الإسلام في أصوله، منها: تهوين كفر الكفار وعظيم جرمهم بحق الله تعالى، وتسهيل الردة عن دين الإسلام، والتي حكمها في شرع الله تعالى القتل كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من بدّل دينه فاقتلوه) [البخاري]، ومنها: إماتة الغيرة على الدين وتمييع الولاء والبراء في نفوس المسلمين، ومنها: أن يسمع المسلمون من يقول لمن يأمر بالمعروف ويدعو للإسلام وينهى عن المنكر ويحذّر من الكفر: “لا تتدخل فيما لا يعنيك”! في مصادمة واضحة ومخالفة فاضحة لنصوص الوحيين، كقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والَّذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتنهَوُنَّ عن المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عذاباً منه ثمَّ تدعونه فلا يستجيبُ لكم) [الترمذي]، ومنها أيضا: تفتيت أُسَر المسلمين بدعوى حرية الأبناء، وتفتيت المجتمع المسلم نتيجة لذلك وتفريق صفهم وزرع الفرقة بينهم، ومنها: انتشار الفجور والخمور والفواحش المهلكة، في مجتمع لا يُسمح له بالأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، كل ذلك تحت طغيان هذه الزندقة المسماة بـ”الحرية الشخصية”!


وكما في كثير من الدعاوى الكفرية، التي يحاول أصحابها أن يُضفوا عليها صبغة الشرع ولو كانت مصادمة له مناقضة لأصوله، فيلووا أعناق النصوص ويحوّروها لتوافق أهواءهم، وتصير تبعا لما تشتهي أنفسهم وأنفس داعميهم؛ فنجد من يقول بأن الإسلام يدعو للحرية الشخصية!! ويؤلفون في ذلك المؤلفات ويكتبون المقالات ويعقدون الندوات، في كذب وافتراء على الله تعالى وقولهم في دينه ما ليس منه، إلى الحد الذي تشمئزّ منه نفوس المؤمنين والله المستعان، ومما عمّ شره من ذلك، ما ينشرونه بين المسلمين من شبهة “حرية الأديان” محرّفين معنى قول الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون] والتي فيها المفاصلة التامة مع الكفار والبراءة منهم، وقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة] قال ابن كثير: “أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بيِّنٌ واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يُكرَه أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا” [التفسير]، أو هي متعلقة بأهل الكتاب الذين اختاروا دفع الجزية للمسلمين، فهذه التأويلات لم يتضمّن أحدها ما يدعو إليه هؤلاء الزنادقة “المتحررون”، بل لم يفهم منها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته الكرام ترك الناس ودينهم! بل امتثلوا أمر الله تعالى بقتالهم حتى أتاهم اليقين، قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. [التوبة]


لقد أعطانا الإسلام الحرية في تخيير أهل الكتاب بين الإسلام أو الجزية عن صغار، أو أن نقطع أعناقهم وننثر أشلاءهم، وأعطانا الإسلام الحرية في أن ندقّ عنق المرتد عن دين الله ليكون عبرة لغيره، فهذه هي الحرية في الإسلام التي تعني العبودية المطلقة لله تعالى وحده.


إن الحرية في الإسلام هي التحرر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فالمسلم عبد لله وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ودعاة الحرية هؤلاء هم في الحقيقة عبيد لأهوائهم وشياطينهم، وعبوديتهم للهوى والشهوات هي التي تدفعهم للمناداة بالحرية الشخصية وتعظيمها؛ وأمام ذلك، فإنه يجب على المسلمين أن يحاربوا هذه العبودية الشركية المغلّفة باسم “الحرية”، والتي جاءت نتيجة غرس قديم لبذور الانحراف بين مجتمعاتهم، بأيدي “مفكّرين” انسلخوا عن دينهم، واستوردوا أفكارا من الشرق أو الغرب، باسم “التحرر” و”التطور” و”الديموقراطية”؛ ليغزوا بها ديارهم، ويعبّدوهم لشهواتهم، كما يجب عليهم أيضا أن يحاربوا أصحاب هذه الدعوات والمدافعين عنها، باللسان والسنان، بعد البراءة منهم قولا وعملا أسوة بملة إبراهيم -عليه السلام-.


وعلى المسلمين أيضًا أن يحصّنوا أنفسهم وأهليهم وإخوانهم من هذه المناهج والدعوات الكفرية، وأن يتذكروا أنها سبب لدخول نار جهنم والعياذ بالله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..} [التحريم]، وأن يحرصوا على أن يكون هواهم تبعاً لما جاء به الشرع الحنيف.


كما على المجاهدين خصوصًا، أن يتأمّلوا عظيم فضل الله عليهم بهدايتهم إلى سبيل النجاة في الوقت الذي يعبد فيه الناس شهواتهم وأهواءهم وأموالهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تَعِس عبدُ الدينار، تعس عبدُ الدرهم، تعِس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرةٌ قدماه..) [البخاري]


وفي الحديث دلالة على أن الجهاد سبب لنجاة العبد من فتن الدنيا والآخرة، والمجاهدون هم أكثر الناس حرصا على تحرير الناس من جور الأديان إلى عدل الإسلام، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد : موقع إعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(الحرية في زمن العبودية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المنتقى من كتاب العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: