المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جبحـثالتسجيلدخول

 

 المتربصون الناعقون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

المتربصون الناعقون Empty
مُساهمةموضوع: المتربصون الناعقون   المتربصون الناعقون I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 12, 2022 9:08 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم


***
افتتاحية صحيفة النبأ - العدد (351)
الخميس 13 محرم 1444 هـ
ــــــــــــــــــــــ


المتربصون الناعقون


يحاول المنافقون ومَن لفّ لفهم، استغلال كل شاردة أو واردة للانتقاص من الجهاد وأهله، فلا يفوّتون فرصة يتوهّمون أنّ فيها مطعنًا في الجهاد والمجاهدين إلا سارعوا لإطلاق ألسنتهم بالهمز واللمز، وأقلامهم بالعداوة والبغضاء، فهم كما وصفهم ابن كثير رحمه الله: "لا يسلم أحدٌ مِن عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال". فهم ينعقون ضد المؤمنين مع كل ناعق.


وبات كثير من هؤلاء اليوم يتستّرون بلباس الناصحين المشفقين، ويظهرون بمظهر الحكماء الحريصين، ثم ما تلبث الأيام حتى تكشف لنا حقيقتهم وسوء مآربهم، وعندها يخلع هؤلاء أزياءهم وينتقلون من طور التستر إلى طور السفور، ويقرّرون الانحدار أكثر في دركات النفاق والعداء لأهل الحق، فيصيرون بوقًا للحكومات الكافرة والمرتدة، يردّدون ما تُردد، وينشرون ما تنشر، وقد كانوا من قبل يزعمون معاداتها، فلمّا وافقت أهواؤُهم أهواءها، حذوا حذوها واقتفوا سيرتها!، فتقاطعت مصالحُهم وتبادلوا أدوارهم، وتشابهت قلوبهم.


إنّ استغلال الأحداث تربّصا وطعنا بأهل الحق مسلك قديم سلكه مشركو قريش مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما كانوا يوظِّفون تأثير آيات القرآن الكريم في نفوس الناس على أنه "سحر وشعوذة"، أو يصوّرون دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالته العالمية، على أنها "طلب للرئاسة والزعامة"، أو يصفون نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم عن عبادة الأوثان والأنداد، بأنه "شتم وتسفيه للقادة والرموز"، أو يتهمون دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- القبائل إلى توحيد الله والولاء والبراء، بالتفريق بين أبناء القبيلة الواحدة! إلى غيرها من الطعونات والافتراءات.


ولم يكن غريبًا أن يسير على دربهم المنافقون بعد إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- للدولة الإسلامية في المدينة، فالكفار والمنافقون جنس واحد، وإن اختلفت ألوانهم ولغاتهم، فهذا كبيرهم "ابن سلول" يستغل رفض النبي -صلى الله عليه وسلم- لرأيه في غزوة أُحد -بخصوص الخروج من المدينة أو التحصّن فيها-؛ ويتحجّج بذلك لينسحب بثلث الجيش ويخذل المسلمين في هذا الظرف العصيب، أو كما طعن بعضهم بأمّ المؤمنين وزوجة رسول العالمين عائشة -رضي الله عنها- حينما أشاعوا عنها ما أشاعوا، حتى أنزل الله براءتها في كتابه العظيم في سورة النور، وفضحهم على رؤوس الأشهاد وعاملهم بنقيض قصدهم في الدنيا، فأبان للناس دخائلهم وكشف كذبهم، فصاروا عبرة لمن بعدهم.


ومن ضروب الطعن بالمؤمنين أيضًا ما وقع عندما امتثل الصحابة لأمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بالصدقات، فجاء غنيُّهم وفقيرُهم بالصدقات طاعة وقربة لله تعالى، وعندها طعن المنافقون في الطرفين! فلمزوا المطوعين بالمال الكثير بالرياء!، وسخروا من المتصدقين بالقليل زاعمين أنّ الله غني عن هذا!، وحول ذلك قال المفسّرون: "هذا أيضًا من مخازي المنافقين، فكانوا -قبّحهم اللّه- لا يدعون شيئا من أمور الإسلام والمسلمين يرون لهم مقالا، إلا قالوا وطعنوا بغيا وعدوانا".


وما زال هذا الأسلوب، يتوارثه المنافقون، صاغرا عن صاغر، وحاقدا عن حاقد، فلا يخلو منه زمان جمع أهل الحق وأهل الباطل، فهو صفحة من صفحات الصراع بينهما ومشهد من مشاهده، فلا غرابة أن نجده يتكرر في زماننا هذا، بوسائل جديدة وأشكال حديثة لكنها بدوافع قديمة وأحقاد متوارثة، فنرى اليوم المنافقين وأشياعهم وقد تصدّروا الفضائيات والمجلات، وروّجت لهم المواقع والقنوات؛ وعكفوا جميعا على مدار الساعة يتربصون بكل ما يصدر عن المجاهدين، ويتفحّصون كل كلمة وعبارة، ويرصدون كل حركة وسكنة، لعلهم يجدون فيها بغيتهم في الطعن والتشويه، أو يصنعون منها مادة يناوئون بها المجاهدين، لعلهم يطفئون نار الغيظ والحقد الذي تخفيه صدورهم وتفضحه جوارحهم وزلات لسانهم، رغم محاولة الكثيرين منهم الظهور بمظهر "المحايدين" أو "الناصحين" أو "المصلحين" ألا إنهم هم المفسدون، كما وصفهم الله تعالى في كتابه، فقال سبحانه عن المنافقين: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}، قال ابن كثير: "ألا إن هذا الذي يعتمدونه، ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد، ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فسادا".


إن غاية كثير من هؤلاء المنافقين والمتربصين الذين نبأنا الله مِن أخبارهم، وكشف لنا صفاتهم، هي أن يميل المجاهدون عن صراط الله المستقيم، الذي تحمّلوا تبعاته طلبًا لرضاه سبحانه، فيما تكاسل المنافقون والمتساقطون عنه واستصعبوه واستثقلوه، لأنه يفوّت عليهم كثيرا من حظوظ أنفسهم وملذات دنياهم، فآثروا الفانية على الباقية، ولم يكتفوا بذلك، بل ودّ هؤلاء أن يزيغ المجاهدون عن الطريق كما زاغوا، وأن يحيدوا عن الجهاد كما حادوا فيكونوا سواء! حسدا من عند أنفسهم، وإقناعًا لها بأنها على شيء! فيسلقون المجاهدين بألسنة حداد، إنْ رأوا حسنةً منهم دفنوها، أو إلى غيرهم نسبوها، وإنْ رأوا سيئةً أذاعوها وضخّموها! وكل ذلك مواساةً لأنفسهم المعتلّة وهروبًا من مصارحتها بالحقيقة المرة التي يعجزون عن الاعتراف بها، ويجبنون عن مواجهتها، فيلجأون بدلا من ذلك إلى انتقاص المجاهدين والطعن بهم وتتبع زلاتهم وتخطئتهم، ورغم كل ذلك يبقى القلق والريبة تعشعش في قلوبهم، وكلما ازدادوا طعنا وتشويها في المجاهدين، زادت حسراتهم وزفراتهم، فهم يعيشون في صراع نفسي لا ينتهي!، قال تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام].


أما جنود الخلافة فهم يسيرون والحمد لله في طريق جهادهم على بصيرة من أمرهم، لا يضرهم المنافقون ولا المتساقطون ولا المتربصون وكل الناعقين، لأنهم يتبعون سبيلا سماويا ربانيا يبتغون فيه مرضاة الله تعالى وحده، ويقدّمون أمره تعالى على كل أمر سواه، وهم لا يدّعون العصمة فهم بشرٌ يصيبون ويخطئون، لكنهم على التوحيد ماضون وعنه لا يتخلون بإذن الله تعالى، فليقل المنافقون والمتربصون عنهم ما شاءوا، وليحرّفوا الكلم عن مواضعه كلما أرادوا، وليملؤوا الفضائيات والصحف والمواقع طعنًا وتشويهًا وإرجافًا، فلن يغيّروا من واقع الأمر شيئا، فالله تعالى لن يُخلف وعده لعباده المجاهدين، وسيخزي الله الكافرين والمنافقين وأشياعهم، وينصر من آمن به وجاهد في سبيله حقّ جهاده، ويهديهم سبل الرشاد، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد : مؤسسة الخير الإعلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المتربصون الناعقون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة العامة :: القسم العام-
انتقل الى: