المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 سورة الكافـرون أصول عظيمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

سورة الكافـرون أصول عظيمة Empty
مُساهمةموضوع: سورة الكافـرون أصول عظيمة   سورة الكافـرون أصول عظيمة I_icon_minitimeالجمعة يوليو 15, 2022 12:46 pm

بسـم الله الرحمـن الرحيـم 
***

سورة الكافـرون
 أصول عظيمة



إنّ دين الله العظيم لا يتغير بتغير الزمان أو المكان، فالعقيدة التي كان عليها آدم ونوح وإبراهيم وسائر النبيين -عليهم السلام- هي نفسها عقيدة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي نفسها عقيدة الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، كلهم يعبدون ربّا واحدا يوحدونه، ويبغضون أعداءه ويعادونهم، ولقد نزلت سورة (الكافرون) على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتؤكد على تلك العقيدة التي صارح بها النبيّون مِن قبله كفار زمانهم، ليصارح بها كفار زمانه أيضا، ويستمر هذا النهج من بعده -صلى الله عليه وسلم-، يصارح فيه المسلمون كفار أزمانهم ما دامت سورة (الكافرون) تتلى في هذه الحياة الدنيا.



(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)


لقد أمر الله تعالى في بداية هذه السورة العظيمة أن يخاطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكفار بما هم عليه من الكفر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، فهم الكافرون بالله العظيم، لا يُسمّون بأسماء آخرى تخفف من حقيقة ما هم عليه من عداوة الله ورسوله، ولا يكونون إخوة للمسلمين بحال، ولا يجتمعون وإياهم على دين، وكل من لم يؤمن بالإسلام دينا وبمحمد الأمين نبيا وبالقرآن كتابا منزلا فهو كافر بالله العظيم، لا يدين دين الحق الذي ارتضاه الله تعالى للناس، وما زال المميعون لعقيدة الأنبياء والمرسلين يحرفون الكلم عن مواضعه، حتى صرنا نسمعهم يسمون الكافرين بأسماء لم يسمّهم بها الله تعالى، وبتنا نسمع وصف: "الآخر" و"شركاء الوطن" و"غير المسلمين" وغيرها من الأوصاف التي تقتل الولاء والبراء في نفوس المسلمين فضلا عن أنها ليست من تسميات ديننا الحنيف.



دينان مختلفان مطلقا


ويأمر الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يبلّغ الرسالة لكفار قريش: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، فدين رسول الله وعبادته يختلفان تماما عن دين كفار قريش وعبادتهم، فهو يعبد الله وحده لا شريك له، وهم يعبدون الحجارة التي لا تنفع ولا تضر، ومما يستدعي التأمل أن كفار قريش كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى، ويؤمنون أنه الخالق الرازق المدبر، لكن كان من مجادلتهم بالباطل أنهم يقولون عن عبادتهم الأصنام: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَىٰ..} [الزمر]، فيزعمون أن الغاية عندهم هي قرب الله ورضاه، وما الأصنام إلا وسيلة لتحقيق ذلك، فلم يقبل الله تعالى منهم دعواهم هذه، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يخاطبهم بأنهم (الكافرون)، ليبين لهم أن غايتهم التي يدعون -وهي رضا الله تعالى- لا تبرر الوسيلة التي يسلكون وهي شركهم به سبحانه.


فكم مِن زاعم اليوم أنه يريد رضا الله تعالى وأن غايته نصرة الإسلام والمسلمين ولكنه يسلك مسالك الكفر، كما سلكها من قبله كفار قريش، ثم يحاول أن يبرر ذلك بمختلف الوسائل ويجادل عن نفسه بالباطل، فرضى الله تعالى غاية لا تتحقق إلا بوسائل يرضاها هو سبحانه وتعالى، فالكفار وإنْ ادّعوا أنهم يعبدون الله تعالى، ومارسوا الطقوس وبنوا لأجل ذلك المعابد بزعم التقرب إلى الله وعبادته، إلا أنّ الخطاب الإلهي كان حاسما لهم: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}.
 


ملة إبراهيم


وقد جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمات أن كفار قريش عرضوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- حلولا وسطا، يتنازلون فيها عن شيء من دينهم مقابل أن يتنازل لهم عن شيء من دينه، بحجة "تغليب مصلحة الاستقرار الداخلي لمكة، ومنع الفتنة بين أبناء القبيلة الواحدة..."، لينزل الرد الإلهي الذي لا يُبقي مجالا لأي تنازلات، ويقطع الطريق على أي التقاء مع الكفار في منتصف الطريق، فهم الكافرون الذين لا يعبدون ما يعبد المسلمون، ولا يعبد المسلمون ما يعبد هؤلاء الكافرون، وهم الأعداء الذين يجب على المسلمين أن يكفروا بهم، وتبدو منهم العداوة والبغضاء تجاههم، وهذه هي ملة إبراهيم التي أقرها الله تعالى في كتابه وأمرنا أن يكون لنا فيها أسوة حسنة، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ..} [الممتحنة] ثم وصف من يحيد عن هذه الملة التي تكفر بدين الكفار وتبغضهم وتعاديهم أنه قد سفه نفسه، قال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} قال ابن كثير: "(ومن يرغب عن ملة إبراهيم) أي: عن طريقته ومنهجه، فيخالفها ويرغب عنها، (إلا من سفه نفسه) أي: ظلم نفسه بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق إلى الضلال". 



غير منسوخة


ثم تُختم السورة العظيمة بالبراءة من دين المشركين، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، وليس في هذا إقرار من رسول الله للمشركين على دينهم، بل هو البراءة التامة منه، وهو كقوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}، ومما تجدر الإشارة إليه، أن هذه السورة ليس فيها منسوخ، بل هي محكمة كلها، قال ابن القيم -رحمه الله- : "وقد غلط في السورة خلائق، وظنوا أنها منسوخة بآية السيف لاعتقادهم أن هذه الآية اقتضت التقرير لهم على دينهم، وظن آخرون: أنها مخصوصة بمن يقرون على دينهم وهم أهل الكتاب، وكلا القولين غلط محض، فلا نسخ في السورة ولا تخصيص، بل هي محكمة، وهي من السور التي يستحيل دخول النسخ في مضمونها، فإن أحكام التوحيد التي اتفقت عليه دعوة الرسل يستحيل دخول النسخ فيها". [بدائع الفوائد]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وليس في هذه الآية أنه رضي بدين المشركين ولا أهل الكتاب، كما يظنه بعض الملحدين، ولا أنه نهى عن جهادهم كما ظنه بعض الغالطين، وجعلوها منسوخة. بل فيها براءته من دينهم، وبراءتهم من دينه، وأنه لا تضره أعمالهم، ولا يجزون بعمله ولا ينفعهم. وهذا أمر محكم لا يقبل النسخ، ولم يرض الرسول بدين المشركين، ولا أهل الكتاب طرفة عين قط". [الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح]


ومما يشار إليه أيضا، قول من طمس الله على بصيرته محتجا بهذه الآيات؛ على ترك الكفار وشأنهم وعدم محاربتهم وقتالهم، بدعوى أن لهم دينهم ولنا ديننا، ولو تفكر هذا الضال في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي خاطب الكفار بهذه الآيات، هل تركهم وشأنهم؟! أم عاملهم معاملة الأعداء وبدت بينه وبينهم العداوة والبغضاء؟! فلو كان ما يدّعيه أهل الضلال صوابا، لما كلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه عناء الهجرة وتأسيس جيش للمسلمين، يقاتل دفاعا عن دين الله تعالى ويحارب المشركين، ويفقد في هذه الحروب خيرة أصحابه -رضي الله عنهم-.


إن هذه السورة العظيمة تشتمل على معاني التوحيد، والولاء والبراء، والمفاصلة مع الكفار والوعيد لهم، وينبغي للمسلم أن يتأملها كلما قرأها، ويقف على معاني الأصول الواردة فيها، وأن يعلمها لغيره، نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن العظيم، وأن يرزقنا العمل بما في آياته، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبأ - العدد (347)
التفريغ من إعداد : مؤسسة الخير الإعلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سورة الكافـرون أصول عظيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رؤيا عظيمة عن دولة الخلافة
» تفسيـر سورة الفاتحة
»  تطبيق : مصحف سورة
» " فوائد قراءة سورة البقرة "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة الشرعية :: قسم القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: