المنارة
المنارة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مشكاة هداية ونور في دياجير الظلام
 
الرئيسيةس .و .جالتسجيلدخول

 

 || قصة شهيـد ||

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 27, 2021 9:31 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسمِ الله الرحمـن الرحيـم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (301)
الخميس 17 محرم 1443هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


|| أبو خطاب الكشميري-تقبله الله-||
|| قصة شهيـد || Ao_oc10

الأمل بالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 30, 2021 11:45 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (309)
الخميس 14 ربيع الأول 1443هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


|| أبو الزبير المهاجر-تقبله الله-||
..
|| قصة شهيـد || 073ae989d4fbff218d84fb5e5f98907251be8c36
|| قصة شهيـد || D45ceda299a7840cb3e0ca79abdb7b21e5156218
|| قصة شهيـد || Eoi_ao10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2021 6:04 am

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (315)
الخميس 27 ربيع الثاني 1443هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


|| القائد خادم تقبله الله||
قصفته أمريكا ونبشت طالبان قبره !
..


|| قصة شهيـد || Aaic_y10
|| قصة شهيـد || A_yca210

الغريب و الأمل بالله يعجبهم هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالخميس يناير 20, 2022 10:45 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (319)
الخميس 26 جمادى الأولى 1443هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 أبو العزم الإعلامي- تقبله الله تعالى -
عزم في الحيـاة وكرامة بعد الممـات
 ..
|| قصة شهيـد || 0c1daeb74bf17eee25d8d53e8430ef6962199efc|| قصة شهيـد || Eoi_aa10

الأمل بالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 19, 2022 4:56 pm



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة شهيـد - العدد : (352)

الخميس 20 محرم 1444هـ 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أبو الزبير العسكري فارس الهيجاء




عندما دخلت أمريكا الصليبية أرض الرافدين، هبّ أبناء الإسلام لجهادها والتصدي لها، وأثبتوا للعالم أجمع أنّ لهذا الدين رجالاً يذودون عنه وينافحون عن بيضته، فمرّغوا أنوف الصليبيين في التراب، وسطّروا في كل بقعة ملحمة فداء، وفي كل منطقة قصة عطاء، وكان من أشهر المناطق التي انتشر فيها الجهاد انتشارا واسعا؛ مدينة الموصل بشمالها وجنوبها، وقد برز من هذه المناطق جنود وقادة شجعان، أذاقوا أعداء الله كؤوس الذلّ والهوان، ورسموا الطريق بدمائهم وأشلائهم لمن بعدهم؛ وكان من هؤلاء فارسنا المغوار أبو الزبير الأنصاري -تقبله الله تعالى-، علمٌ من أعلام ولاية دجلة، وأسدٌ من أُسود الإسلام فيها، حمل بين جوانبه معاني العزة والرجولة، ولمعت في عينيه عزة الجهاد.




نشأته في بيئة جهادية


وُلد أبو الزبير في قرية (إمام غربي) جنوبي الموصل عام 1416 هـ، وتربّى في بيئة تحب الجهاد والمجاهدين، فوالده كان من السابقين إلى تلبية النداء، وهو ما أعان أبا الزبير على الالتحاق بركب الجهاد وهو لم يكن قد تجاوز الثانية عشر من عمره بعد، وحينها لم يُقبل في المعسكرات لصغر سنّه، لكن بعد إلحاحٍ شديد منه عرَضَه والده على أحد قادة المفارز الأمنية في منطقته، والذي رأى منه حرصا وفطنة تؤهله لبعض المهام، فقبله وأوكل إليه مهمة رصد بعض الأهداف وتصويرها، فبرع فيها على أكمل وجه، ولم يكن لأبي الزبير همّ سوى جهاد أعداء الملة والدين، فظلّ يقارعهم إلى أن ابتلاه الله بالأسر على أيديهم، فثبت داخل الأسر إلى أن فرّج الله عنه، ليعود إلى ميدان الجهاد مجددا ويستمر فيه حتى أُسر مرة أخرى، فمكث فيه مدة ثم خرج بفضل الله تعالى، وعندها قرر ترك الأهل والديار وأصبح مطاردا في سبيل الله، واستمر في ذلك حتى فتح الله لعباده المجاهدين في العراق.




بعد الفتح المبين


وبعد أن منّ الله على الدولة الإسلامية بالفتح المبين، رجع إلى موطن صباه في ولاية دجلة، وبقي يتنقل فيها بين الدعوة والجهاد، مقاتلا لأعداء الله تارة، وداعية إلى الله تارة أخرى، حيث كان يطوف مع القوافل الدعوية لِما كان يمتلكه من صوت شجي، وكان دائما يحرض المسلمين على الجهاد ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فهدى الله على يديه ثلة من الشباب للالتحاق بالمجاهدين.


وبعد أن تزوج ورزقه الله بالزبير، لم يشغله ذلك عن مواصلة فريضة الجهاد، بل خاض بعدها غمار أشرس المعارك في (بيجي) وقرى (مخمور) و(النصر) و(خربردان) و(كديلة) و(الصلاحية) و(مهانة) و(كرمردي)، بل سجّل اسمه في مواكب النور لتنفيذ عملية استشهادية، وقد حاول أميره أن يردّ طلبه لحاجة إخوانه إليه في الميدان؛ لِما تمتع به من الحنكة العسكرية والشجاعة والخبرة في القتال، لكنّ أبا الزبير أصرّ على موقفه، وعندما تقدمت قوات الرافضة والبيشمركة نحو قرى (الحاج علي)، ركب أبو الزبير سيارته المحمّلة بالمتفجرات وانطلق بها نحو هدفه، وفي الطريق قدّر الله أن تتعطل السيارة وتتوقف عن السير؛ ليعود فارسُنا إلى إخوانه حزينا لعدم تمكنه من تنفيذ العملية، لكنه لم ييأس من طلب الموت في مظانه حيث التحق هذه المرة بكتيبة الانغماسيين، وقدر الله له أن يصاب ويذهب إلى مدينة الموصل للعلاج، وفي أثناء فترة علاجه قطع المرتدون الطريق بين ولاية كركوك وقسم من ولاية دجلة عن ولاية نينوى، وبعدها عاد أبو الزبير إلى ولاية دجلة وكُلّف بإنشاء مفرزة أمنية للعمل داخل القرى التي سيطر عليها المرتدون، وتحديدا قرية (إمام غربي) مسقط رأسه والقرى المجاورة لها.




أبو الزبير في معركة (إمام غربي)


وبعد مدّة قصيرة من تأسيس المفرزة وتنفيذها عدة عمليات أمنية في المنطقة، بدأ أبو الزبير يخطط لغزو المرتدين في قرية (إمام غربي)، وكانت خطة الغزوة أن يتسلل هو برفقة مجموعة من المجاهدين إلى وسط القرية وينقسموا إلى قسمين: قسم يقوم بتفخيخ الطرقات، والقسم الآخر يدخل مسجدين في وسط القرية للتكبير وإعلان السيطرة لإرباك العدو، بينما تقوم مفرزة أخرى خارج القرية بالاشتباك مع ثكنات المرتدين، وبالفعل بدأت الاشتباكات وبعد مرور عشر دقائق، بدأ أبو الزبير ومن معه بالرمي وسط القرية والتكبير والإعلان عبر مكبرات المسجدين أنهم سيطروا على القرية ودعوا الأهالي إلى عدم الخروج لأن الطرق مفخخة، وعندها أسقط في أيدي المرتدين وظنوا أن جيوش المجاهدين قد داهمت القرية فولّوا هاربين وسيطر المجاهدون على القرية في نصف ساعة فقط بفضل الله تعالى، وحدثت مقتلة كبيرة في الجيش الرافضي والحشد العشائري، فهلك في هذه الغزوة أكثر من خمسين عنصرا من الجيش الرافضي والحشد العشائري، وأحرق المجاهدون عددا من آليات المرتدين وفجّروا بعض بيوتهم قبل أن ينحازوا منها لاحقا، ليضطر المرتدون إلى تشديد التحصينات حول القرية وإضافة ثكنات أخرى، ومع ذلك تمكّن أبو الزبير من إدخال أحد الانغماسيين إلى القرية، ليفجّر سترته الناسفة داخل أكبر مقر للحشد العشائري فيها.




قائدا للواء (أبو موسى الأشعري)


انتقل أبو الزبير بعد ذلك إلى إخوانه في لواء (أبو موسى الأشعري) في ولاية دجلة؛ حيث شارك في أغلب معارك اللواء ضد المرتدين، وأهمها معركة (كنعوص)، التي كانت معركة طاحنة حاول فيها المرتدون التقدم نحو مواقع المجاهدين، فكان له دور كبير في صدّ الهجوم برفقة إخوانه، حيث كُلّف قائدا للمجاهدين في قريتي (كنعوص) و(شريعة)، وقام بتكثيف الغزوات على الثكنات في محيط (كنعوص) حتى أجبر المرتدين على الانسحاب من أطراف القرية، ثم كُلّف قائدا عسكريّا عامّا للواء (أبو موسى الأشعري)، فقاد الكثير من الغزوات في جبال (مكحول) و(الخانوكة)، وقاد غزوة (الشرقاط الثانية)، وشارك في غزوة قرية (الحورية) وغزوة قرية (الناهية) وغيرها.




معركة (إمام غربي) الثانية بعد حصار الموصل


وعندما اشتد الحصار الخانق على المسلمين في الموصل، واستخدم التحالف الصليبي مختلف أنواع الأسلحة لإبادة النساء والأطفال والشيوخ، ولم يبقَ إلا منطقة صغيرة في مدينة الموصل القديمة، قرر المجاهدون شنّ غزوة من عدة محاور على مواقع المرتدين غرب نهر دجلة، وكان الأخ أبو الزبير قائدا لهذه الغزوة، وقُسّمت المحاور والمهام، وقاد هو محور الهجوم على قرية (إمام غربي)، وقد نجحت مجموعة أبو الزبير في اختراق تحصينات العدو في القرية رغم كثرة الثكنات المنتشرة، والعدد والعدة القليلة لدى المجاهدين، فقد عبروا نهر دجلة نحو مواقع المرتدين بالأسلحة الخفيفة فقط، ودارت معركة طاحنة بين جنود الرحمن وجنود الشيطان، جُرح فيها العديد من رفقاء أبي الزبير، ولم يبق معه سوى ثلاثة عشر مجاهدا بينهم جرحى يتحصنون في ثلاثة بيوت بأطراف القرية.


تزامن ذلك مع وصول تعزيزات جديدة للمرتدين، واستمرت الاشتباكات بين الطرفين وواصل أبو الزبير وإخوانه الليل والنهار، ولم يفتّ ذلك في عضدهم رغم ما بهم من جراح، وعند غروب الشمس بدأ المرتدون بالتزعزع وخارت قواهم، فاستغل الفرصة القائد الهمام أبو الزبير وأمر بالهجوم على المرتدين الذين كانوا قبل قليل يحاصرونهم، حتى فتح الله القرية على يد هذه الثلة القليلة من المجاهدين، وتم قطع الطريق الرابط بين مدينتي (الشرقاط) و(القيارة) على المرتدين لأكثر من عشرين يوما، كان بطلنا الهمام خلالها يصول ويجول بين المحاور في أطراف القرية يقاتل أعداء الله، ثم حشد المرتدون حشودا كثيرة لاستعادة القرية، فهاجموا المجاهدين من أربعة محاور، وظلوا عاجزين عن دخول القرية حتى استعانوا بأسيادهم الصليبيين جوّا وبرّا، وقد خسر المرتدون في هذه الغزوة أكثر من 300 قتيل و 11 أسيرا، والكثير من آلياتهم.




فداؤه لإخوانه المحاصرين 6 مدرعات مقابل 5 مجاهدين!


ومن المواقف الفريدة خلال هذه المعركة، والتي تدل على شجاعة أبي الزبير وفدائه لإخوانه، ما وقع عندما سيطر المرتدون على سلسلة جبال (نجمة) ونشروا القناصات عليها، ثم تقدّموا بدورية مكونة من ستّ مدرعات محمّلة بالجنود، وحاصروا خمسة مجاهدين كانوا يرابطون في بيوت قرب الجبال، وعندها اندلعت اشتباكات عنيفة حتى شارفت ذخيرة المجاهدين الخمسة على النفاد، ولم يستطيعوا الانسحاب كونهم محاصرين في منطقة مكشوفة، فطلبوا المعونة من إخوانهم عبر أجهزة اللاسلكي، فسمع الأسد أبو الزبير نداء إخوانه فتوجه إليهم فورا بعد أن أمر إخوانه الذين كانوا معه بعدم اللحاق به حفاظا عليهم، لأنها كانت مجازفة كبيرة في منطقة مكشوفة وساقطة ناريًا، فانغمس أبو الزبير في صفوف أعداء الله وانطلق مسرعا تحت أزيز الرصاص وقذائف الهاون حتى وصل إلى آليات المرتدين بالقرب من إخوانه المحاصرين وأمام أنظارهم، واشتبك مع المرتدين بمفرده مقابل ستّ مدرعات، فحرّكت هذه الشجاعة الروح القتالية لدى الإخوة المحاصرين فهاجموا آليات المرتدين واشتبكوا معهم بشراسة عالية فقتلوا وجرحوا عددا منهم، وأعطبوا عربة (همر) فاضطر المرتدون إلى الانسحاب من المكان، وأصيب أبو الزبير بطلقة في ساقه خلال الاشتباكات، ومع ذلك استطاع الانحياز بإخوانه إلى داخل القرية بسلام.




مقبلا غير مدبر


وفي نفس القرية (إمام غربي) تقدم المرتدون من أحد المحاور تحت غطاء جوي كثيف من طائرات التحالف الصليبي، فانبرى لهم كالعادة أبو الزبير وإخوانه الأبطال، واشتبكوا مع قوات العدو وصدوا تقدمهم وأحرقوا ثلاث آليات لهم، لكن الله تعالى قدّر هذه المرة لهذا الفارس أن يترجل عن جواده، فقتل بغارة صليبية وهو يقارع المرتدين، مقبلا غير مدبر -نحسبه كذلك ولا نزكيه-، لتتناثر أشلاؤه على أرض هذه القرية التي كانت شاهدة على صولاته وجولاته؛ مجاهدا منكّلا بالمرتدين، مجاهدا آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، لتنتهي قصة هذا الهمام وتبقى العبرة والأثر والقدوة لكل السائرين على خطاه، فرحم الله أبا الزبير وإخوانه وأسكنهم الفردوس الأعلى.
ـــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد : مؤسسة الخير الإعلامية
كتابٌ يهدي وسيفٌ ينصر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 08, 2022 1:08 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (359)
الخميس 10 ربيع الأول 1444هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أبو إبراهيم الخراساني (رحمه الله تعالى)
صدّق العلم بالعمل


إن الدعوة إلى الله تعالى هدي الأنبياء، وسبيل الصالحين الأتقياء، قال سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {اُدعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوعِظَةِ ٱلحَسَنَةِ} [النحل]، وللدعوة طريقان، طريق السنان وطريق اللسان، وأكمل أسلوب للدعوة هو الجمع بين الطريقين، وقد تجسَّد ذلك كله في أخلاق النبي العدنان -صلى الله عليه وسلم- وسار على هديه الصحابة والتابعون الكرام، فقد كانوا دعاة إلى الله بأفعالهم قبل أقوالهم.


وممن نحسبه كذلك -والله حسيبه-، الأخ المجاهد عبد الرحمن الخراساني (أبو إبراهيم) رحمه الله، ولد في غرب خراسان، في بيت أدب وخلق وحشمة، ونشأ في ظله نشأة حسنة صالحة، حيث تعلم العلم الشرعي على يد أبيه وإخوانه، وكانت عنده رغبة شديدة في الدعوة إلى الله، حتى صار إمامًا وخطيبًا، وداعيًا شفوقًا على قومه، وكان جلّ دعوته آنذاك في الترغيب في الجنة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة، والترهيب من النار والمعاصي وسوء الخلق.


وكان محبوبا عند الخاصة والعامة والقريب والغريب، حسَن الخلق، رقيق القلب، سليم الصدر، صاحب حياء وأدب، محبا لإخوانه، مشفقا على الفقير والمسكين والضعيف، معينا لأقاربه وأصحابه على نوائب الدهر، وقد ذاع صيته بين الناس على ذلك.


فقد كان -رحمه الله- مثالا في الدعوة إلى الله بفعله وقوله، وقد طلب العلم الشرعي منذ بداية شبابه، فكان حافظا لكتاب الله، وكثيرا من الأحاديث النبوية الصحيحة، بالإضافة لباعه في علوم أخرى.


ولم يكن -رحمه الله- ممن حفظ المتون والكتب وتجاهل العمل بها، بل كان علمه قائدا له في جميع شؤون حياته، فكان قواما بالليل صواما بالنهار، حتى إنه في أيامه الأخيرة تواصل مع أحد إخوانه فسأله: هل تقوم الليل؟ فقال: لا، فقال له: إنا لله وإنا إليه راجعون أحسن الله عزاءكم!




الطريق لساحات الجهاد


لقد سلك أبو إبراهيم هذا الطريق نصرة للدين وذبّا عن حرمات المسلمين، فذات يوم جاء عنده رجل أوتي من زخرف الدنيا ومتاعها يبتغي صده عن النفير في سبيل الله، فقال له: أعطي لك كل شيء تريده من متاع الدنيا وزينتها وأُزوِجك ابنتي على أن تترك الالتحاق في صفوف المجاهدين في الدولة الإسلامية، فقال متبسماً: “لا والله لن أترك هذا الأمر ولا أريد الدنيا وأهلها” فلم يرض لنفسه بالقعود ودماءُ المسلمين تسيل، وأعراضهم تنتهك، فشمَّر عن ساعد الجد، وتسلَّح بالإيمان وتوكل على الله، وأدرك يقينا حقيقة الضر والنفع التي لخَّصها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- بقوله لابن عباس -رضي الله عنهما- عندما كان يافعا: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) [الترمذي].


ولما منَّ الله على عباده المجاهدين بإعلان الخلافة، سارع بإعلان بيعته لخليفة المسلمين وحثَّ إخوانه على اللحاق بركب الخلافة، خاصة وأنه وجد في إعلانها في ذلك الوقت فرصة ذهبية لجمع شتات الأمة بعد تبعثرها وتفرقها، ففرح أشد الفرح بذلك الإعلان الميمون، وبدأ ينشط نشاطا كبيرا لإقناع وتحريض إخوانه على اللحاق بركبها.




أسر ثم نفير لساحات الجهاد


ثم وفّق الله الأخ أبا إبراهيم، وصاحب دربه وأخاه في الله للتجهيز للهجرة في سبيله إلى دار الإسلام في ولاية خراسان، ولكن قدّر الله أن يقعا في الأسر في طريق نفيرهما، وحين دخل السجن اجتمع مع إخوانه من مهاجرين وأنصار، وبادر إلى خدمتهم لعدة شهور في سجن (ننجرهار)، ولمّا هاجم جنود الخلافة سجن (ننجرهار) وهدموا أسواره خرج من السجن، ولكن قدر الله له أن يقع في الأسر مرة أخرى، فنقلوه إلى سجن (بلجرخي)، وكعادته اشتغل أبو إبراهيم هناك بتدريس إخوانه العقيدة والتفسير والحديث، وأسّس مع إخوانه في السجن مدرسة باسم (يوسف الصديق)، وكان -رحمه الله- يوصي إخوانه في السجن بالصبر والثبات ويقول لهم: “صبرٌ قليل، فإما دار الإسلام وإما جنة عرضها السموات والأرض”.


وفي السجن كان أبو إبراهيم طيب العشرة مع إخوانه المهاجرين، يجالسهم ويتودّد لهم ويساعدهم ما استطاع، بل ويؤثرهم على نفسه، ومما يروي إخوانه عنه: أن أحد إخوانه في الله اشترى له ثوبا ليلبسه في العيد، ولمّا زاره أخوه في السجن لم يشاهده يلبس الثوب الذي أهداه له، فقال له: لمَ لا أراك ترتدي الثوب الذي أرسلته لك؟!، فقال له -تقبله الله-: “لا تحزن أخي -تقبل الله منك- فقد أعطيته لأحد إخواني المهاجرين الإيغور” وأثنى على أخيه المهاجر وذكّره بفضلهم وحقهم.


وفي قصة لطيفة أخرى تتجسد فيها معاني الإيثار في وسط محنة الأسر، أن أخاً من (كابل) كان عنده فاكهة، وكان يستطيبها، إلا أنه آثر على نفسه أحد إخوانه من (بدخشان)، وهذا الأخ حينما رأى الفاكهة أعجبته، لكنه دفعها لأخ له من (فارياب)، وهكذا حتى وصلت للأخ أبي إبراهيم الخراساني -تقبله الله- فآثر على نفسه ودفعها لصاحبها الأول من (كابل)!


وقد مكث في السجن سنتين حتى فرج الله عنه، وبمجرد خروجه من السجن التحق بإخوانه في ساحات الجهاد، ولهمّته العالية عمل أبو إبراهيم في أكثر من مفصل في ولايته، فمِن التدريس في الدورات الشرعية إلى ديوان الإعلام، ومن هندسة العبوات والتعامل مع المتفجرات إلى ديوان الدعوة والمساجد، فقد كان من السبّاقين في كل خير لا يملّ.




مقتله ووصيته


بعد رحلة الأسر والدعوة والجهاد كان أبو إبراهيم -رحمه الله- في موعد مع القتل في سبيل الله، والذود عن حرمات المسلمين، حيث داهمت ميليشيا طالبان المرتدة بيت أحد المسلمين، وكان فيه فارسنا مع بعض إخوانه، حيث اشتبك مع الميليشيا واستطاع مع إخوانه أن يؤمنوا انسحاب الأطفال والنساء مع بعض الإخوة من البيت، واستمر أبو إبراهيم بالاشتباك مع المرتدين، حتى أحكمت الميليشيا حصار البيت بعد أن استدعت تعزيزات إضافية، واستمر الاشتباك معهم لمدة ساعتين، استبسل فيها أبو إبراهيم وإخوانه أيّما استبسال، وقد أوصى قبل مقتله بلحظات قليلة بأنه كان يريد تبيان نواقض طالبان فأوصى إخوانه بتبيان نواقضهم والثبات ضدهم، وأوصى بتصفية علماء السوء ودعاة الباطل، وقال: “هم أساس كل باطل؛ فلا ترحموهم ولا تتركوهم يسيرون في البلاد آمنين”، وكان هذا آخر ما أوصى به قبل أن يُقتل مقبلا غير مدبر، وقد آثر القتل في سبيل الله على الرضوخ والاستسلام، وصدّق العلم بالعمل وخضّب نحره بالدماء في الوقت الذي يستطيب فيه كثير من طلبة العلم القاعدين استخلافهم مع الولدان والنساء، فرحمك الله يا أبا إبراهيم رحمة واسعة، وأسكنك في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد : موقع إعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالسبت مايو 06, 2023 7:10 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (383)
الخميس 1 رمضان 1444 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أبو زيد.. جبلٌ فوق جبال العراق
فقد عينه وزاده الله علما وعملا


إن الكتابة عن سير الشهداء -نحسبهم- ثقيل على الكاتب قلّما يصمد مداد قلمه أمام دمائهم، حتى أن بعض إخواننا الكتاب يحجمون عن ذلك تورّعا وتقديرًا لمقام هؤلاء الذين قال الله عنهم في سورة الأحزاب: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.


إضافة لما سبق، فإن الكتابة عن سير شهداء الدولة الإسلامية يعترضها كثير من المعوّقات من زوايا وجوانب مختلفة كالجانب الأمنيِّ مثلا والذي يقيّد كثيرا من التفاصيل، وكذلك جانب مَن نكتب عنهم؛ فكم مِن شهيد هممنا بالكتابة عنه استقاءً ممّن عايشه أو عاشره أو حتى عاصره، فلم نظفر بهذا ولا ذلك، إذْ أن كلهم مضوا إلى ربهم، ولحق من كان ينتظر بمن قضى نحبه، ففقدنا سند الرواية ولم يبق لنا من سِيَرهم إلا متن ذكريات نشمُّ منها عبيرًا تارة، وتارة نرتشف منها عِبرًا وعبَرات، ويستوي في ذلك سير القادة والجنود في دولة على منهاج النبوة أنشئت، يتسابق فيها قادتها وجنودها نحو مراكب الموت يطاردونه في كل ميدان، طمعًا في سوق المزيد. أمهروا توحيدهم أرواحهم، وأقاموا القرآن حروفه وحدوده، وفدوه أغلى ما يملكون، نحسبهم والله حسيبهم. إذن فهو سباق وتنافس على أشده على سكب الدماء وبذل الأنفس في سبيل خالقها وباريها سبحانه، فكيف للأقلام أن تظفر بالفوز في هذا المضمار المتسارع الذي يتنافس فيه المجاهدون على الفوز بإحدى الحسنيين، منذ فرض الله الجهاد على عباده؟ ولا شيء لديهم يقدّمونه أغلى من أنفسهم. ولا سبيل للقلم أن يباري دماءهم إلا أن يسكب الكاتب هو الآخر دمه ليلحق الدم الدم ويرضى الرب سبحانه ويضحك إليهم، اللهم إنا نسألك من فضلك.


ولذلك فإن بضاعتنا في الحديث عن سير هؤلاء النبلاء مزجاة لا توفيهم حقهم مهما حرصنا، وإلا لو كان التأريخ لقصص وسير هؤلاء الأبطال ميسورا؛ لضجت مكتبة الدولة الإسلامية بطبقات وتراجم هؤلاء النبلاء الفضلاء، ولكن حسبهم أن الله يعلم ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ولا يضرهم إن لم يعرفهم الناس، كما ورد في كتب السير والمغازي عن معركة نهاوند حيث جاء فيها: "كان عمرُ بنُ الخطابِ رِضوانُ اللهِ عليه بالمدينةِ يدعو اللهَ وينتظرُ مثل صيحةِ الحُبلَى، فكتب حذيفةُ إلى عمرَ بالفتحِ مع رجلٍ من المسلمينَ، فلما قدم عليه قال: أَبْشِرْ يا أميرَ المؤمنين بفتحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه وأذلَّ فيه الشركَ وأهلَه، وقال: النعمانُ بعثك؟ قال: احتسِبِ النعمانَ يا أميرَ المؤمنين! فبكى عمرُ واسترجعَ، فقال: ومن ويحَك؟ قال: فلانٌ وفلانٌ حتى عدَّ ناسًا، ثم قال: وآخرين يا أميرَ المؤمنين لا تعرفُهم، فقال عمرُ رِضوانُ اللهِ عليه -وهو يبكي-: لا يضرّهم أن لا يعرفَهم عمرُ لكنَّ اللهَ يعرفُهم"[موارد الظمآن] ونحن والله لا نزيد على قول الفاروق -رضي الله عنه-.




مولده ونشأته


وكان من هؤلاء الأبطال الأخفياء الأتقياء نحسبهم، الأخ الحافظ للقرآن بالقراءات، المجاهد العابد الواعظ، أبو زيد الأنصاري العراقي -تقبله الله-، من مواليد العراق، نشأ وترعرع في كنف عائلة مُحافِظة عُرفت بالتقوى والصلاح والخير والعطاء لهذا الدين العظيم، وقد أكمل أبو زيد دراسته الجامعية في كلية التربية الأساسية، وكان من الممكن أن تكون حياته هادئة مستقرة ككثير ممن أخلدوا إلى الأرض وسعوا خلف زهرة الحياة الدنيا، ولكنه الإيمان الذي يستقر في القلب ويصدّقه العمل.




سبقه إلى الجهاد


ولذا سارع أبو زيد ولحق بموكب النور مبكرا، فلم يكن سوى في العشرينيات من عمره عندما بايع الدولة الإسلامية قبل نحو 16 عامًا، وتحديدًا في مطلع العام 1428 هـ، حيث عمل في بداية انضمامه، في مفارز الأمن والاستخبارات وكان يزوّد المجاهدين بالمعلومات الأمنية مِن رصد تحركات العدو في منطقته، وقد تعرض خلال العام ذاته إلى الأسر في سجون الكافرين، وقضى عدة سنوات في سجن (بوكا)، أتم خلالها حفظ القرآن الكريم ودرس بعض العلوم الشرعية على أيدي طلبة العلم الذين امتلأت بهم غرف السجن آنذاك، بعد أنْ حوّله المجاهدون إلى مدرسة إيمانية جهادية امتد خيرها حتى يومنا هذا.


وبعد سنوات من الأسر، منّ الله على أبي زيد بالخروج من الأسر، ليسارع مجددا إلى الالتحاق بصفوف إخوانه المجاهدين، وقد عمل في تلك الفترة إداريا في أحد قواطع الدولة الإسلامية، ويشهد له إخوانه بحسن إدارته لهذا الملف، وحرصه على أموال وأمانات المسلمين، وتفانيه في خدمتهم وحفظ حقوقهم.




تلميذا عند الشيخين الأنباريّ والبنعليّ


وعندما فتح الله تعالى على المجاهدين وأعلنوا دولة الخلافة، سارع أبو زيد إلى استغلال هذه الفترة في التزوّد من العلم الشرعي طاعة لأمر الله تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- : {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، قال ابن كثير: “أي: زدني منك علما، قال ابن عيينة رحمه الله: ولم يزل -صلى الله عليه وسلم- في زيادة من العلم حتى توفاه الله عز وجل”، فأسوة بنبيّه -صلى الله عليه وسلم- وسيرا على خطى الأولين؛ التحق أبو زيد بالمعهد الشرعي الذي أقامته الدولة الإسلامية في ولاية نينوى آنذاك، فنهل وتتلمذ على أيدي مشايخ وعلماء الدولة الإسلامية -أعزها الله-، فطلب العلم عند الشيخ أبي علي الأنباري والشيخ تركي البنعلي -تقبلهما الله-، حتى أتم الفترة المخصصة للمعهد الشرعي، ليعود بعدها إلى ميدان العمل بعد أنْ عيّنه أمراؤه شرعيًا لأحد القواطع في ولاية ديالى، حيث ميدان التطبيق لا التنظير كما هو واقع كثير من أدعياء العلم اليوم.


وههنا فائدة لكل مجاهد، أن يحرص على استغلال أوقات السعة والرخاء، في التزوّد من العلم النافع الذي يخدم المجاهد في طريقه إلى ربه تعالى.




فقد إحدى حبيبتيه فصبر!


وإنّ الجهاد ما سُمّي بذلك إلا لِما فيه من جَهد وجُهد ومشقة وبذل أقصى ما يستطيع المرء في سبيل نصرة دين الله تعالى، ولذلك الذين يريدون جهادا بغير تضحيات، حالهم كمن يريد بدرا بلا أُحد! ويريد فتح مكة بلا خندق ولا أحزاب فهؤلاء ضلّوا الطريق وانتهى بهم المطاف إما قعودا عن الجهاد، أو وقوفا في صفوف أعدائه!


فالتضحيات قرينة لطريق الجهاد ملازمة له لا تنفك عنه، وقد نال أبو زيد نصيبه من ذلك، ففي عام 1436هـ استهدفت طائرة مسيّرة للعدو عجلة دفع رباعي كانت تقلّ مجموعة من المجاهدين بعد الانحياز من مناطق ديالى، فأصيب أبو زيد إصابة مباشرة فقد على إثرها إحدى عينيه، فلم يقابل ذلك بغير الصبر والاحتساب والرضا بأقدار الله تعالى طمعا بالجنة، متأسيا ممتثلا الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال في الحديث القُدسي: (إنَّ اللهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ.) [صحيح البخاري]


فلم تحُلْ الإصابة بين أبي زيد وبين الجهاد، بل مضى في طريقه وزاد من عطائه وبذله في هذه المسيرة الإيمانية المباركة على منهاج النبوة في بيئة صعبة لا يستطيعها إلا الذين صبروا نحسبهم والله حسيبهم.




عبادته وأخلاقه


وبعد الانحياز من المدن والاستقرار بين الوديان والجبال، واصل أبو زيد وبقية إخوانه عبادة الجهاد والمرابطة على ثغور الإيمان، والمراغمة لأعداء الله المرتدين، حيث كلّفه إخوانه ليكون شرعيا للمجاهدين في ديالى، فكان واعظًا معلِّما لإخوانه ناصحًا ومشفقًا يذكّرهم ويصبّرهم في تلك القِفار الموحشة إلا من الأنس بالله تعالى، والتي زانت بالخلوة مع الله تعالى، كان أبو زيد يتزوّد في هذه المواطن من دار الممر لدار المقر، فكان رحمه الله عابدا زاهدا متنفّلا، كثير القيام قلّما يفوته ذلك لسبب قاهر، يستيقظ في ظلمة الليل وينسلّ بهدوء حتى لا يوقظ إخوانه الذين بالكاد ينامون في بيئة لن يدرك وصفها إلا من جرّبها، فيقوم ويُصلي مترنّما بآي القرآن الذي أقام حدوده وحروفه.


وكان أبو زيد صاحب سمْت حسن ووقار لا تخطئه عين من رآه حيًا أو ميتًا، دمث الأخلاق صاحب حياء، قليل الكلام، كثير النظر في كتب العلم ليعمل بما علم وكان يعاون إخوانه رغم إصابته، ولا عجب فهذا دأب الصالحين وسمت المجاهدين السابقين واللاحقين.


وامتد جهده الشرعي والوعظي ليردف صحيفة (النبأ) ببعض مقالاته وكتاباته، يذكِّر فيها المسلمين ويوجِّههم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم في أبواب الرقائق والأذكار والدعاء والإلحاح على الله تعالى، وفي أبواب التربية والتنشئة الإيمانية، وليس أبو زيد وحيدًا في هذ المجال، فقد سبقه إخوة كثيرون على هذا الدرب كانوا كُتابا في 
(النبأ) وأشربوا كلماتهم من دمائهم، كتبوا بصمت ورحلوا بصمت، نسأل الله أن يتقبلهم وأن يتمّ أجورهم.




مقتله.. تقبله الله


واستمر أبو زيد الأنصاري جبلا فوق جبال العراق، يتزود من خير زاد؛ العلم والتقى، ويزوّد بهما إخوانه في الميدان وفي الإعلام، حتى قدّر الله تعالى أن تصيبه غارة من طائرة حربية في إحدى جبال العراق مزقت أشلاءه -تقبله الله- ليفارق الدنيا صابرا محتسبا ثابتا مرابطا مراغما لأعداء الله تعالى، وقد جمع بين أبواب الجهاد والدعوة في الميدان والإعلام، فحاز خيرا كثيرا وكان له مِن اسمه أوفر الحظ والنصيب، فنسأله تعالى أن يزيده أجرا ويرفع درجته ويعلي ذكره، وأن لا يحرمنا أجره وأجر إخوانه السابقين، ولا يفتنّا بعدهم، وأنْ يلحقنا بهم غير خزايا ولا مبدّلين، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 07, 2023 10:34 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (391)
الخميس 28 شوال 1444 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخ أبو مبشّر -تقبله الله تعالى-
قاتل الروس والأمريكيين وقُتل في ظلال الخلافة.


روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك في قصة إسلام حبر اليهود عبد الله بن سلام أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدِم المدينة وسأله ثلاثة أسئلة، وقال: "لا يعلمهن إلا نبي"، فلما أجابه النبي عنها؛ ما كان منه إلا أن أسلم، ثم قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت فاسألهم عني، قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أيّ رجل عبد اللّه بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أرأيتم إن أسلم عبد اللّه بن سلام قالوا: أعاذه اللّه من ذلك، فأعاد عليهم، فقالوا: مثل ذلك، فخرج إليهم عبد اللّه فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه، قالوا: شرّنا وابن شرّنا، وتنقّصوه!، قال: هذا كنت أخاف يا رسول اللّه.


لم تقتصر هذه الصفة الذميمة على اليهود فحسب، بل صارت صفة ملازمة لكل الحركات والجماعات المرتدة التي بدّلت دينها وانسلخت من آيات الله، وحذت حذو اليهود في انتقاص وتشويه كل من يتبرأ من باطلها ويفيء إلى الحق، حتى لو كان سابقا من خيرة رجالها.




قصة تتكرر في كل زمان


في خراسان مثلا التحق في صفوف الدولة الإسلامية كثير من طُلاب الحق الذين كانت لهم صولات وجولات في حقبة طالبان، غير أن هؤلاء الأبطال لمّا فعلوا ذلك، كان موقف المرتدين منهم كموقف اليهود من عبد الله بن سلام بعد إسلامه، "شرنا وابن شرنا!" وقد كانوا من قبل يقولون عنه: "خيرنا وابن خيرنا!".


هذه قصة تتكرر في كل أزمنة الصراع بين الحق والباطل وخصوصا في زمن المفاصلة والمفارقة لمعسكرات الردة التي تتمسح بالإسلام وترفع شعاراته.


واليوم لدينا قصة أحد هؤلاء المجاهدين الأبطال وهو الأخ (أبو مبشر) تقبله الله، من أوائل المقاتلين ضد الغزو الروسي والأمريكي، وكان رجلا عقائديا قدّم الولاء للمؤمنين على كل ولاء، وحقق البراء من المرتدين حتى مِن أقرب الأقربين، كان باحثا عن الحق فجعل التوحيد هاديا له في طريقه وضابطا لمواقفه، ولمّا أعلنت دولة الخلافة كان من أوائل المبايعين لها، وواصل طريقه في ظلالها يقاتل المشركين كافة على منهاج النبوة حتى أتاه اليقين، ليُقتل على أيدي الميليشيا الوطنية التي نحرت الذبائح فرحا بمقتله بعد أن ذبحت عقيدة التوحيد في عروق أفرادها من الوريد إلى الوريد.




القتال ضد الغزو الروسي ثم الأمريكي


كان الأخ أبو مبشر من الرجال القلائل الذين شدوا الظهر إلى الحرب مبكرا للتصدي للغزو الروسي لأفغانستان، وقدّم تضحيات كبيرة في تلك المرحلة، وبعد اندحار الروس عن أفغانستان لم ينشغل أبو مبشر بما انشغلت به الفصائل المتناحرة من نهب وخلافات، بل ذهب إلى باكستان باحثا عن العلم الشرعي المتاح آنذاك، حيث التحق بالمدارس وبدأ بتلقي الدروس الشرعية الأساسية خلافا لعمره آنذاك.


ولمّا غزت أمريكا الصليبية أفغانستان، سارع أبو مبشر إلى قتال القوات الأمريكية، وكان مِن أوائل مَن بدأ حربا ضد الأمريكيين في منطقة (كونر)، في وقت كانت الشائعات تنتشر بين الناس أنّ الأمريكيين لديهم قوة عظمى! وكانوا يقولون: إذا أطلق أي شخص النار على الجيش الأمريكي، فستنحرف فوهة البندقية عن مسارها! لكن هذا المجاهد الشاب فعل شيئين: كسر هذه الصورة في أذهان المسلمين وبدأ القتال فعليا ضد القوات الأمريكية، وثانيا أخذ يدعو ويجنّد الشباب والمناصرين في كل منطقة ومقاطعة، وبمرور الوقت استطاع إيجاد مناصرين للجهاد في 14 منطقة في (كونر) و(نورستان) المتجاورتين.




قاد الهجمات ضد القواعد الأمريكية


وخلال الغزو الأمريكي، قاد أبو مبشر العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية برفقة من معه وشنّوا هجمات واسعة ضد قواعد أمريكية كبيرة، ونجح في العديد من المرات في تقطيع أوصالهم وتمزيق أشلائهم، حتى اضطروا إلى الفرار من بعض هذه القواعد تحت وقع الضربات المتتالية، وكان من أبرز هذه الهجمات الكمين الشهير الذي سقط فيه الجنود الأمريكان مِن على رؤوس الجبال حتى خرجت أمعاؤهم من أجسادهم وقد ظهر ذلك في مرئيات قديمة.


وقد أصيب أبو مبشر مرتين بجروح خطيرة خلال معاركه ضد القوات الأمريكية، حتى أن بعض جراحه لم تلتئم حتى وقت إعلان ولاية خراسان، ومع ذلك لم تمنعه هذه الإصابات من مواصلة طريقه في الجهاد.




جهاده ودعوته في صفوف الدولة الإسلامية


وعند إعلان الخلافة بدأ يبحث عن الحق ويتحرى حتى وفقه الله تعالى إلى سبيل الرشاد وقرر الالتحاق بالدولة الإسلامية، وكان واحدا من أوائل المبادرين إلى بيعة ولاية خراسان حيث تحمل عقبات وصعوبات كثيرة في سبيل الوصول إلى الشيخ الوالي سعيد خان -تقبله الله- حتى تمكن من ذلك وبايعه في منطقة (تور دره).


وانطلاقا من خبرته السابقة وتاريخه الجهادي، عيّنه أمراؤه مسؤولا في منطقة (كونر) وهناك نشط في مجال الدعوة إلى التوحيد والتحريض على الجهاد في سائر مناطق (كونر)، حتى وفقه الله تعالى ونجح في استقطاب وتجنيد أعداد كبيرة من المجاهدين في تلك المناطق، حتى بايعه مئات المجاهدين بينهم العديد من القادة البارزين وكان من بينهم الشيخ الوالي أبو عمر -تقبله الله- الذي أعطى البيعة لأبي مبشر يدا بيد، إضافة إلى قادة آخرين بارزين كان لهم صولات وجولات في صفوف الدولة الإسلامية.




مع أبي مالك التميمي


وهكذا قضى معظم حياته يقاتل الكافرين والمرتدين ويتزود بالصبر والإيمان ويبحث عن الحق والعلم الشرعي الذي يبلغه مراتب النجاة، وكان يحب أن يجالس العلماء الذين يقودون المجاهدين، وكان إخوانه يستشيرونه في سائر أمورهم، ورغم انشغاله بالمهام العسكرية والقيادية على الدوام، إلا أنه كان حريصا طوال السنوات التي قضاها برفقة المجاهدين العرب في جبال خراسان على طلب العلم ما استطاع إليه سبيلا، فتعلّم منهم بعض العلوم الشرعية الأساسية وعلوم اللغة العربية، وكان من المشايخ الذين التقى بهم وتلقى عنهم العلم؛ الشيخ المجاهد أبو مالك التميمي -تقبله الله- حيث أخذ عنه دروسا في صحيح البخاري وغيره، ووصفه أبو مبشر بأنه كان عالما متقنا في الحديث، وأخبر أن أبا مالك كان برفقتهم قبل انتقاله لاحقا إلى منطقة (تورا بورا) في (ننجرهار)، وبعدها نفر إلى دار الخلافة في العراق والشام، وقال أبو مبشر: كانت آخر مرة رأيت فيها أبا مالك التميمي في الإصدار الشهير وكان يضع على رأسه عصبة حمراء والمجاهدون حوله يبايعون على الموت.




صفاته وأخلاقه


ونحسب أن الأخ أبا مبشر قد حاز كثيرا من الصفات الطيبة والأخلاق الحميدة التي ينبغي على المجاهد أن يتصف بها ويمتثلها، فكان متواضعا رحيما بعوام المسلمين لا يخذل من مدّ إليه يد العون في أي وقت خصوصا أوقات الشدة، يحافظ على صلة الرحم ويداوم على زيارة وتفقد مرضى المسلمين، فكان عامة المسلمين يحبونه حتى أن أهالي منطقة (کونر) كانوا يقفون في الطرقات لاستقباله عند قدومه.


فيما يتعلق بأمور الميدان، كان دائما على أتم الاستعداد لأي طارئ، وكان يحذّر كثيرا من استخدام الهواتف والتهاون بها، ويوصي المجاهدين بحمل السلاح في كل وقت ويعدّ مخالفة ذلك معصية للأمير، وكان مقاتلا صلبا متمرسا صاحب خبرة ودراية في أمور القتال والميدان، وعرف عنه حسن سمعه وطاعته لأمرائه ومشايخه رغم مكانته بينهم وسابقته في الجهاد فكان يسمع ويطيع كأي جندي.


وفي المقابل، كان أبو مبشر صاحب عقيدة صافية لا يداهن في التوحيد أحدا، شديدا على الكافرين والمرتدين غليظا عليهم، لقد كان جبلا في الولاء والبراء؛ يظهر ويجهر بعداوته وبراءته من المرتدين ولو كانوا أقرب الناس إليه، صادعا جريئا في قول كلمة الحق، شجاعا مقداما لا يلين ولا يداهن ولا يخشى في الله لومة لائم.




قائدا ومجاهدا في (ننجرهار)


وبعد أن فتح الله على المجاهدين في (ننجرهار)، أمره إخوانه بالذهاب إليها لقيادة وترتيب الصفوف هناك، فهاجر إليها مع أسرته واستقر فيها، وهناك شارك وقاد العديد من الغزوات الكبيرة كان من أبرزها معركة خراسان الأولى التي عرفت باسم (غزوة مفتاح الخير) التي قادها أبو مبشر بنفسه، وفتح الله على يديه وحاز مغانم وغنائم كثيرة بفضل الله تعالى، وقد ظهر في الإصدار الشهير الذي حمل اسم الغزوة وهو يبشّر المسلمين ويحرضهم على الالتحاق بركب الخلافة وطريق النجاة.


هكذا أمضى أبو مبشر حياته في ميدان التوحيد والجهاد، داعيا ومحرّضا ومجاهدا وظل في الغالب قائدا عسكريا ميدانيا، وكان عناصر طالبان المرتدون يخافونه ويحسبون له ألف حساب ويتجنّبون أن يهاجموا الثغور التي يشرف عليها، وقد أمضى وقتا في كل منطقة فتحها المجاهدون وحارب المرتدين في سائر مناطق وثغور ولاية خراسان متنقلا من ثغر إلى ثغر ومن خندق إلى خندق لا يكل ولا يمل.




خمسون عاما قضى أكثرها في ميادين التوحيد


واستمر أبو مبشر ثابتا على طريق الجهاد حتى فترة المحنة التي تعرضت لها الدولة الإسلامية في خراسان في وقت الحملة الصليبية التي تزامنت مع حملة المرتدين عليها، وكان في آخر حياته قائدا عسكريا لكتيبة سعيد بن زيد، في منطقة (وزير تنكي)، وعند تعرض المنطقة لهجوم واسع من قبل ميليشيا طالبان، انبرى أبو مبشر للتصدي لهجوم المرتدين حتى وصل إلى الخطوط الأمامية للمعركة وكان يقود المجاهدين ويوزع المجموعات على الثغور، وفي أحد الأيام توجه برفقة مجموعة من إخوانه المجاهدين لنصب كمين للمرتدين على إحدى طرق القتال، واندلعت اشتباكات عنيفة أصيب فيها أبو مبشر إصابات بالغة قتل على إثرها متأثرا بجراحه بعد ساعة من إصابته، فرحل عن عمر يناهز الخمسين عاما قضى أكثرها في ميادين الجهاد، داعيا إلى التوحيد الصافي محرضا على الجهاد، وقائدا عسكريا قاد المعارك وخاض الحروب وشهدت له ثغور وجبال ووديان خراسان ولقي ربنا صابرا محتسبا.


 
نبشوا قبره!


بقي أن نذكر أنه لما علمت ميليشيا طالبان بمقتله، احتفت واحتفلت بذلك وذبح عناصرها وأوباشها الذبائح فرحا بمقتله بعد أن أذاقهم والروس والأمريكان مر العلقم على مدار سنوات المفاصلة والتمايز على ثرى خراسان، وبعد فترة لمّا وصل عناصر الميليشيا المرتدة إلى قبر الأسد الوقور، قاموا كعادتهم بنبش القبر كما فعلوا بالكثيرين من المجاهدين غيره، وكل هذا بدافع الحقد الشديد على الموحدين السائرين على عقيدة السلف المتبرئين من العقائد والمناهج المنحرفة التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه مما لم يعد خافيا إلا على أعمى البصيرة، ولا عجب تبقى الضباع ضباعا والأسود أسودا.


رحم الله أبا مبشر وتقبل منه سبقه وجهاده ودعوته وألحقنا به غير خزايا ولا محرومين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 03, 2023 12:12 pm

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (396)
الخميس 4 ذي الحجة 1444هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أبو مصعب اليوبي -تقبله الله تعالى-
مجاهدا عابدا وناصحا أمينا


إنَّ الله تعالى إذا أراد أمرا هيَّأ له أسبابه، فلمّا أراد سبحانه أن تعود الخلافة على منهاج النبوة -كما وعدَ على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم- بعد أن ظن الصليبيون أنهم قضوا عليها دون رجعة وجزموا أن المسلمين لن يعيشوا من جديد تحت ظلها؛ قيّض الله تعالى لها خلفاء على نهج الراشدين الأُول عقدا وهديا، ولا غرو إنْ طابت فروع مِن أصول طيبة، كما أعدّ الله لها جنودا يحمونها ويُعلون صرحها هم كقادتهم سائرين على نهج الصحابة والرعيل الأول تضحية وبذلا وصدقا ووفاء، فكانوا كما وصفهم الله تعالى في كتابه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، رجال يقولون فيفعلون، وتارة تسبق أفعالُهم أقوالهم، رخصوا في سبيل الله أغلى ما يملكون، وبذلوا لنصرة الإسلام أنفسهم وأموالهم وأهليهم؛ في صورة تذكّرنا بالذي غار في أمهات الكتب من سير عطرة لأبطال الإسلام وأسود التوحيد، الغابرين حياةً الباقين ذكْرًا، فكانوا بحق أكفاء أن يحملوا أمانة نصرة الدين، وتبليغه ببريد الدماء وصونه بسُور الأشلاء.




نشأة صالحة


وكان من بين أولئك الرجال الأخ (آدم بـاقو) أبو مصعب المهاجر -تقبله الله-، من مواليد سنة 1412هـ، ولد في بلدة (داماغوم) بمنطقة (يوبي) شمال شرقي نيجيريا، ونشأ وترعرع فيها في كنف أسرة مسلمة وفّرت له بيئة صالحة أعانته على الهدى، إذْ ذهب به والده منذ صغره إلى حلق تحفيظ القرآن فمكث فيها حتى أتمَّ حفظ أجزاء القرآن الكريم، فكان منذ صغره شبلا صالحا محبا للهداية والإيمان، هكذا عاش بين أصدقائه وتفوّق بذلك على أقرانه، ولم ينقطع عن حلق العلم حتى كبر، فالعلم زين الفتى وزاد المسافر وبالأخص المجاهد، كما لم ينس نصيبه من الدنيا من طلب للحلال وتحري الطيب الذي أمر الله المؤمنين والمرسلين بأكله، فكان يأكل من كسب يده ولا يتملق عند الناس قناعة وورعا، وعُرف بين من عاش بينهم بطول الصمت وقلة الكلام والخلوة وقلة مخالطة الناس، وتلك كانت نشأته وبداياته.




الطريق المجدي في التغيير


كلما صبّ الكافرون حقدهم على الإسلام سعيًا في القضاء عليه وإبادة جنوده؛ أخرج الله لهم مِن بين فوّهات مدافعهم حُماة ما أرادوا إبادته، وتولّد من رحم المحنة رجال ذوو عقيدة وإباء يحملون رايته، وأحيا الله مكان مَن قُتلوا أضعاف ما قتلوا، وهكذا هي مسيرة الجهاد والمجاهدين، فبعد عدوان الجيش النيجيري المرتد على المسلمين في منطقة (برنو) سنة 1430هـ وقتلهم عشرات الشباب المسلم، وتدميرهم (مسجد ابن تيمية) الذي كان يؤمه الشيخ محمد بن يوسف -تقبله الله- وتشريدهم للمئات وأسرهم أضعاف ذلك؛ أثّرت هذه الجريمة في قلوب كثير من شباب المسلمين في نيجيريا، وأيقنوا أن الجيش النيجيري كسائر الجيوش المرتدة ليست إلا معولا بأيدي الصليبيين لهدم الإسلام وأن الحل معهم لا يكون إلا بالقتال، وكان أبو مصعب من أولئك الشباب الذين تنبهوا لهذا الأمر، فبدأ بعد هذه الجريمة يبحث عن المجاهدين لينضم إلى ركبهم ويسلك طريقهم في التغيير المجدي المفضي إلى قلب الواقع لا التقبّل به، وإلى استجلاب النصر والعزة والتمكين لهذا الدين بالجمع بين العلم والعمل والتوحيد والجهاد، ولكن لم تكن راية الجهاد قد علت بعدُ في تلك الظروف العصيبة، فالمجاهدون آنذاك قلة مطاردون يتخفون، وكلما سنحت لهم فرصة انتهزوها وضربوا عدوهم ثم عادوا سيرتهم متخفّين متماشين مع كل مرحلة.




لحاق بالمجاهدين في فترة عصيبة


في تلك المرحلة أخفى أبو مصعب هدفه في صدره وظلّ يدعو الله أن يبلغه مواكب المجاهدين، ولما علم الله صدقه يسّر له أسباب ذلك، فجاءه أحد أصدقاء شقيقه الأكبر، وكان من طلبة الشيخ محمد بن يوسف، وحدثه عن آخر جرائم الجيش النيجيري المرتد بحق المسلمين ووجوب جهادهم، وأخبره بكيفية اللحاق بالمجاهدين ودلّه على طريق الوصول إليهم، فتلقى أبو مصعب ذلك بسعادة غامرة كونه كان قد استفرغ وسعه في البحث عن ذلك الطريق، وسارع أبو مصعب إلى الانضمام لإخوانه المجاهدين دون توان، ولم يثنه ما كان الجهاد والمجاهدون فيه آنذاك من ضعف وقلة يخافون أن يتخطفهم الناس، لا مأوى لهم يأوون إليه ولا مأمن يأمنون فيه على أنفسهم فضلا عن عوائلهم، فرغم كل ذلك انضم للركب بقلب راض لعلمه أن الجهاد فرض لا نافلة، وأن الشريعة لن تعاد والأعراض لن تصان؛ إلا بتقحّم تلك المخاطر ومكابدة تلكم الصعاب.


وهكذا الصادقون لا تثني الشدة عزائمهم ولا يعثّر البلاء سيرهم، معتقدين أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فبلغوا بذلك حقيقة الإيمان كما جاء عند الإمام أحمد عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَال: (لكلّ شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتّى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه).




مقتحما غمار الأخطار


فلم يلتفت أبو مصعب لتلك المخاطر بل رمى بنفسه بين الغرباء المطاردين وصار جنديا تحت (كتيبة أبي الدرداء)، ومنذ تلك الفترة أظهر الله تعالى ما أودعه في عبده أبي مصعب من شجاعة وتضحية وإقدام، فشارك في كثير من العمليات الأمنية وكان من الطلائع التي حوّلت ليل الكافرين نهارا في عقر ديارهم ضمن حروب الشوارع والمدن، وكان من المشاركين في (غزوة بوتيسكوم) الشهيرة التي وقعت في (يوبي) وتجرّع المرتدون خلالها كؤوس الويلات.


ولم يكن للمجاهدين حينها ملاذات يأوون إليها، فلا أدغال ولا آجام ولا آكام، وكان أبو مصعب في ظل كل هذه المراحل الصعبة والأطوار العصيبة -رغم حداثة عهده بالطريق- مستمسكا بالعروة ملازما للجادة سائرا مع الركب المبارك آخذا بعنان فرسه يطير عليه كلما حيعل المنادي، ويلبي كلما صاح النفير، ويفزع حيثما دارت رحى الحرب.




قائدا عسكريا وأمنيا


وفي أثناء هذه الظروف ألهم الله المجاهدين فكرة إنشاء المعسكرات والمراكز في الغابات لاستقطاب المجاهدين وتوسيع دائرة الحرب وفتح جبهات جديدة لاستنزاف العدو وتشتيت قواه، وأيضا حتى يكون للمجاهدين ملاذ يلتجؤون إليه، فيسّر الله لهم فتح معسكرات في غابات (يوبي) وأدغال (برنو)، وحينها شاء الله أن يُنقل أمير الفصيل الذي فيه أبو مصعب إلى منطقة أخرى، فأخذ أبو مصعب مكانه وكان خير أمير لخير فصيل، وأكمل دوره منكلا بالأعداء منغصا عيشهم ومكدرا حياتهم.


وقد تميز في هذه المرحلة بحسن القيادة وبراعة في التدبير، وبعد مضي ردح من الدهر وهو يلهب برفقة إخوانه الأرض تحت أقدام المرتدين؛ أرسله إخوانه إلى معسكرات (الفاروق)، وبعد وصوله واصل ليله بنهاره يسابق أوقاته في فعل الخيرات وعلى رأس ذلك الجهاد في سبيل الله الذي هو أفضل الأعمال.


واستمر أبو مصعب حتى عيّنه أمراؤه قائدا على (سرية أبي الدرداء)، وقد أبلى أثناء قيادته لهذه السرية بلاء حسنا وكان سببا -بفضل الله تعالى- لفتح كل من (كامويا) و(بوني يادي) و(جكانا) و(كاتركو) و(سابون غاري) وغيرها، وبعدها أرسله أمراؤه إلى ديوان الأمن فأجاد وأفاد ولعب دورا فعالا في حفظ أمن المجاهدين، ولم يلبث أبو مصعب حتى نُقل إلى منطقة (كرينوا) أميرا عليها، وبعد حقبة من الزمن نُقل إلى منطقة (البحيرة) وعيّن أميرا على الجند هناك، وكان في كل هذه المراحل قائما بواجباته متفانيا في تنفيذ مهامه وتكاليفه.




عابدا وناصحا وموجّها


نحسب أن أبا مصعب كان ممن هيأهم الله لحمل أعباء الجهاد، فكان من توفيق الله له أن جمع له شمله وجعل نصرة الدين همّه، فصرفه عن الدنيا فلم يلتفت إليها منذ بدايات هدايته، فما الدنيا في نظره إلا جيفة، والأُسد لا تقع على الجيف، فلم يغتر ببهجة زخارفها الزائفة، ولم يفتتن بمفاتنها الصارفة، رغم أنها أقبلت عليه وبسطت أجنحتها له راغمة؛ مصداقا لما روى الترمذي بسند صحيح عَن أَنس بن مالِك قال: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (من كانت الآخرة همّه جعل اللّه غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدّنيا وهي راغمة، ومن كانت الدّنيا همّه جعل اللّه فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدّنيا إلّا ما قدّر له)، وكذلك ينبغي أن تكون نظرة المجاهد تجاه الدنيا، فيأخذ من الدنيا قدر الحاجة ولا يركن إليها ويتوسع فيها؛ فتغرّه كما غرّت غيره، فينتقل من الشجاعة إلى الجبن، ومن التجارة مع الله إلى التجارة الدنية، فليتنبه المجاهد لذلك.


فقد كان صاحبنا شديد الإقبال على الآخرة، كثير الورود على أعمال البر مقبلا عليها إقبال الظمآن على المورد العذب، فالآخرة هاجسه وهمه، وحديث الشهادة كلماته وألفاظه، سخيا جوادا ينفق على السائل والمحروم، متكفلا بعوائل الأسرى والشهداء والمجاهدين الغائبين، شفوقا عليهم محسنا إليهم، حال مرتحل في تلاوة القرآن، كثير النصح لإخوانه، غيورا على محارم الله، غاديا رائحا إلى الصفوف الأول في قتال أو صلاة، هاشّا باشّا طلق المحيا لإخوانه المسلمين خادما لهم ساعيا في حوائجهم، يحب الخير لكل من معه، غليظا شديدا على الكافرين.


وقد بذل أبو مصعب قصارى جهده في نصح وتوجيه إخوانه المجاهدين، فكان يحثهّم على الخيرات ويحاسب مَن يقصر في الواجبات، لقد أعطى ديوان الجند في منطقة (البحيرة) حقه ومستحقه، وكان يشدّ على أمر الصلوات المفروضة ولا يسمح بالتخلف عنها ولا يتهاون في ذلك البتة.




شجاعا لا يبالي بالحتوف


قلما تجد الموفَّق إلى أبواب الخيرات مبتلى بالجبن، فأثر الطاعات في تثبيت الأقدام عند اللقاء معروف ودورها في استنزال النصر مشهور، كما أخرج الإمام أحمد في "الزهد" أنّ أبا الدرداء كان يقول: "اعمل عملا صالحا قبل الغزو، فإنما تقاتلون الناس بأعمالكم". فالجبن والجزع من حصاد الذنوب، كما أن الثبات والنصر من ثمرات الطاعات، وعليه فلا تسأل عن شجاعة أبي مصعب فهي حديث الركبان وفاكهة المجالس بين الإخوان والخلان.


في إحدى المعارك خرج المجاهدون للإغارة على معسكر للمرتدين، فاختار أبو مصعب أن يكون سائقا للسيارة حيث كان يفضل دائما السياقة حتى يتمكن من الوصول للهدف الذي يريد، فلمّا اندلعت الاشتباكات اتجه أبو مصعب نحو بوابة المعسكر وكان الطريق المؤدي إليها ضيقا ومحفور الجانبين، وفي بحبوحته دبابة تستهدف كل من يحاول الوصول إلى البوابة، فما كان من أبي مصعب إلا أن أسرع بسيارته واقتحم الطريق دون أن يبالي بالخطر، فحفظه الله ولم تصبه قذائف الدبابة التي استهدفت سيارته مرارا حتى وصل إلى البوابة فدفعها ودخل المعسكر، ولم يتوقف حتى توسّطه ثم أشار لمن في السيارة بالنزول ومواصلة القتال وجها لوجه، فكان النصر حليف المجاهدين بفضل الله تعالى على إثر هذه الواقعة.




وعجلت إليك رب لترضى


لا شك أن أسمى أماني المجاهد أن يُقتل في سبيل الله تعالى، قتلة يبلغ بها منازل الشهداء فيفوز برضى الرحيم الرحمن، ومن أجل الوصول إلى ذلك هاجر المجاهدون وتركوا الأهل والأولاد واستعذبوا مرارة التعب والجوع وسائر ما حفت به الجنان من المكاره، معترفين مع ذلك بتقصيرهم عما يجب عليهم من الشكر، فمن يخطب الحسناء لم يغله المهر، ولذا ترى المجاهدين في الحر والقر يقاتَلون ويطارَدون ويراقَبون، يعيشون تحت الطائرات ولا يبالون لشرف الغاية وحسن المنقلب الموعود، نسأل الله من فضله.


كل يوم يقضيه أبو مصعب في أرض الجهاد يزداد شوقه إلى لقاء مولاه تبارك وتعالى، لكنه وقتئذ لا سبيل له إلى خوض المعارك لأمر صدر من أمرائه له ألا يباشر في معركة، بل يكتفي بالتنظيم والترتيب، فكان يعضّ على أصابعه إذا نظم سرية أو أرسل غازية ولم يشاركها في القتال، ومع ذلك لم يركن للنكول والخمول مع هذا الأمر، بل أصبح يلح كثيرا على الأمراء أن يسمحوا له بالمشاركة في القتال الميداني فجاءه الإذن بذلك في إحدى المعارك، فاستبشر وهلل وفرح، وبعد أن أكمل الترتيبات قام في المجاهدين محرضا قائلا: "خرجنا اليوم ليبذل كل منا ما استطاع، فالسباق السباق ولا يرضى أحد أن يُترك خلف الصفوف، وستروننا أمامكم سباقين إنْ شاء الله، فإنْ سألنا ربُّنا كما سأل موسى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ}؛ فسأجيب ربي أنهم على أثري، وعجلت إليك ربي لترضى".


فلما تحركت السرية كان أبو مصعب في مؤخرة الجيش يدبّر وينظم أمور الجند ويتفقدهم حتى اقترب المجاهدون من الهدف، فما كان منه إلا أن اجتاز بسيارته جميع سيارات إخوانه حتى وصل إلى بوابة المعسكر كعادته سباقا مقتحما غمار الحتوف، وأثناء القتال استهدفت سيارته قذيفة مدفعية أصيب في إثرها بجراحات بالغة وقتل عدد من إخوانه، فأخُلي من ساحة المعركة وبعد ساعات من إصابته قتل شهيدا كما نحسبه، وهو يوصي إخوانه بمواصلة الطريق والشدة على أعداء الدين، فرحمك الله أبا مصعب وأعلى منزلتك في عليين وألحقنا بك غير خزايا ولا محرومين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسلمة

مسلمة


تاريخ التسجيل : 15/06/2021

|| قصة شهيـد || Empty
مُساهمةموضوع: رد: || قصة شهيـد ||   || قصة شهيـد || I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 04, 2023 10:26 am

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة شهيـد - العدد : (404)
الخميس 1 صفر 1445هـ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الرحمن موسى القرحاني
مهاجر من لبنان إلى الأنبار


يتوهم الكافرون والمرتدون أنّ بمقدورهم إيقاف الهجرة في سبيل الله تعالى، تماما كما يظنون أنّ بإمكانهم وقف عجلة الجهاد في الأرض، لكن المجاهدين على يقين تام لا يعتريه أدنى شك؛ بأنّ مدد الهجرة لا ينقطع ولا يتوقف لأنه وعد الله تعالى، مصداقا لحديث نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنقطِعُ الهجرةُ، ما قُوتِلَ الكفارُ)، وبالتالي فالهجرة باقية ما دام الجهاد باقيا، ومعلوم في عقيدة المسلمين أنّ الجهاد ماض إلى قيام الساعة.


وفي تطبيق عملي لهذه العقيدة، ما زالت بلاد المسلمين ترفد الدولة الإسلامية بخيرة رجالها وفلذات أكبادها، يأتون من كل حدب وصوب استجابة لأمر الله تعالى بالنفير والجهاد شيوخا وشبابا، نصرة للإسلام وذودا عن حياضه، عملا بقوله تعالى: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}.


وعلى الرغم من جهود الصليبيين والمرتدين الحثيثة في إغلاق الحدود وتشديد الإجراءات على المعابر والمنافذ، ورغم كل ما ينفقونه من أموال على تطوير أنظمة المراقبة الأمنية، بهدف منع وصول المهاجرين إلى ولايات الدولة الإسلامية؛ إلا أنّ الله تعالى ييسر للصادقين سُبل الوصول إلى أرض الجهاد، فلا يقدر كل طواغيت الأرض على منع مسلم صادق من أداء عبادة الهجرة إلى أرض الإسلام.




قادم من لبنان


وكان من هؤلاء المهاجرين الذين نفروا مؤخرا إلى أرض الدولة الإسلامية وتحديدا إلى ولاية العراق، الأخ عبد الرحمن موسى القرحاني (أبو أحمد) -تقبله الله تعالى- والذي خرج مهاجرا بنفسه في سبيل الله تعالى قادما من أرض لبنان المسلم الذي يرزح تحت قبضة النصارى المارونيين والرافضة المرتدين، فكان وصوله إلى أرض الخلافة انتصارا في حد ذاته وفشلا ذريعا للصليبيين والرافضة المرتدين الذين يتعاقبون على إغلاق حدود العراق، كما شكّلت هجرته صفعة أمنية للقوات اللبنانية المارونية التي سعت طويلا لمنعه من الوصول إلى مراده ولكن خيب الله سعيهم، فخرج الأسد مهاجرا إلى الله ورسوله تاركا الأهل والخلان مقدما محبة الله تعالى ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما سواهما.




نشأة إيمانية وجهاد مبكر


ولد الأخ أبو أحمد في العام 1416هـ ونشأ وتربّى في كنف أسرة صالحة في منطقة (باب التبانة) في (طرابلس الشام) شمالي لبنان، إحدى قلاع أهل السُّنة التي خرّجت الكثير من الأبطال والمجاهدين رغم التضييق والحرب المعلنة عليها من قبل الجيش اللبناني الماروني وميليشيا حزب الشيطان الرافضية بسبب موقفها المؤيد للمجاهدين ونصرتها وإيوائها للمسلمين المستضعفين القادمين من الشام.


سعى أبو أحمد -تقبله الله- منذ صغره في طلب العلم الشرعي والبحث عن الحق الذي يبلغه النجاة في الدارين، فدخل عدة معاهد شرعية متوفرة في منطقته واكتسب العلم في أبواب العقيدة والفقه وحفظ ومدارسة علوم القرآن الكريم، وشبَّ على ذلك فكانت نشأته نشأة طيبة على منهاج السنة.


وعندما اشتعلت المعارك الشهيرة في منطقة (باب التبانة) و(جبل محسن) ضد الطائفة العلوية النصيرية والجيش اللبناني، على خلفية اشتعال الحرب في الشام؛ كان أبو أحمد من أوائل الملتحقين بصفوف المجاهدين المشاركين في تلك المعارك، وكان يبلغ من العمر حينها 17 عاما، وقد بايع مع ثلة من إخوانه المجاهدين الدولة الإسلامية آنذاك وشكّلوا عدة مفارز للمجاهدين داخل لبنان.




في سجن رومية


وعلى إثر هذه المعارك، تعرض أبو أحمد في عام 1433هـ للأسر في سجون الجيش اللبناني الذي حرص بالتحالف مع طوائف الكفر والردة في لبنان على وأد أي نشاط جهادي لأهل السنة في لبنان، وقد مكث أبو أحمد في زنزانة انفرادية في السجن العسكري البغيض المعروف بـسجن (الريحانية).


وقد لاقى أبو أحمد في السجن أشد أنواع التعذيب والأذى في سبيل الله، كالصعق بالكهرباء والتعليق من الأطراف حتى كسروا له عدة أعضاء من جسمه، فثبت ثبات الرجال ولم يعترف على نفسه بشيء من التهم الموجهة إليه، وتنقّل في السجون حتى انتهى به المطاف في سجن (رومية) الذي يمتلئ بالمجاهدين وطلبة العلم، فكانت هذه فرصة جديدة له ليتزود من العلم الشرعي الذي يُعينه على تكاليف الطريق الذي لم يغب عن بال أبي أحمد لحظة واحدة حتى في أحلك ظروف الأسر، وقد زادت صلابته وشدته على الكافرين داخل السجن، فكان وإخوانه يواصلون تنغيص عيش الكافرين حتى وهم خلف القضبان، فهاجم أبو أحمد مع باقي إخوانه حراس السجن وأشعلوا النيران في أقسام السجن أكثر من مرة، ضمن موجات الاستعصاء التي حدثت داخل سجن (رومية).




الهجرة إلى العراق


وفي عام 1438هـ منّ الله على الأخ أبي أحمد بالخروج من السجن، بعد أنْ مكث فيه قرابة أربع سنوات ونصف؛ قضاها صابرا محتسبا ومصمما على مواصلة الطريق الذي بدأه بالعلم وأتبعه بالعمل.


بعد خروجه تزوج ورُزق بطفلين، لكن زينة الحياة الدنيا لم تقعده أو تبعده عن هدفه الذي لا يضاهيه هدف في نظر وقلب كل مسلم أدرك الغاية التي خلقه الله لأجلها، وأنّى يطيب لأبي أحمد العيش والرقاد وإخوانه المسلمون يسامون العذاب، وأنّى له أن يقر أو يستقر وميادين الجهاد تنادي الصادقين وتستنفر المؤمنين.


فبدأ أبو أحمد يبحث مليّا عن طريق للهجرة يوصله إلى أرض الجهاد، حتى يسّر الله له ولإخوانه سبيلا للهجرة إلى ولاية العراق أرض الأبطال ومحضن الرجال، وقد أخذ أبو أحمد بكل الاحتياطات والأسباب المستطاعة ثم انطلق مهاجرا في سبيل الله تعالى.


وبعد نحو خمسة أشهر على فقدان أثره، قام طواغيت لبنان بأسر والده للضغط عليه ليعود إلى بيته ويكسر هجرته، ولكن هيهات أن ينالوا من عزيمته أو يثنوه عن مواصلة دربه، فأكمل أبو أحمد طريقه وأمضى هجرته متوكلا على الله تعالى، حتى وصل إلى إخوانه في ولاية العراق، متجاوزا كل الموانع الأرضية البشرية، ومنتصرا على كل عوائق الشيطان وحبائله، بفضل الله تعالى.




في معسكرات الأنبار


وصل الأخ أبو أحمد إلى ولاية العراق في عام 1442 هـ، وهناك التحق بأحد معسكرات المجاهدين في الأنبار، فأبلى بلاء حسنا داخل المعسكر، وأثبت وجوده منذ الشهر الأول فكان من الإخوة المتميزين في الجانب الشرعي والعسكري والبدني، وعلى إثر ذلك وقع عليه الاختيار ليكون مدرّبا بدنيا ومدرّسا شرعيا لإخوانه في المعسكر، فلم يألُ جهدا في تعليم وتدريب إخوانه بكل ما يقدر عليه، فزكّى العلم بالعمل، وأثمرت سنوات تضحيته وتربيته وإعداده في لبنان؛ فوائد قطفها إخوانه المجاهدون في العراق.




إلى من يريد النفير!


وفي ذلك رسالة مهمة لكل الإخوة الباحثين عن النفير بضرورة التزود من العلوم الشرعية والعسكرية لاكتساب المهارات اللازمة في فترة القعود حتى تؤتي أكلها في ساحة الجهاد، واحذروا مكائد الشيطان بصدكم عن فريضة الإعداد بحجة عدم مباشرة الجهاد، فالإعداد فريضة والجهاد فريضة فانهلوا منهما ما استطعتم، وأعدّوا وتزوّدوا من قراركم في دياركم ليوم نفيركم إلى أرض الجهاد.




قناص في يوم الملحمة


وبعد مدة من مشاركته جهود التدريب والإعداد في معسكر الأنبار؛ طلب أبو أحمد من أمرائه الانتقال للمشاركة في العمليات العسكرية، وبعد إصرار وإلحاح وافق إخوانه على ذلك وتمّ فرزه على إحدى السرايا العسكرية في أرض الأنبار الأبية التي كانت وما زالت شوكة في حلوق الرافضة وحلفائهم، واستمر على ذلك حتى جاء اليوم الموعود.


حيث تعرض معسكر المجاهدين في المنطقة إلى إنزال جوي مشترك للقوات الرافضية والأمريكية معا، ولدى محاولة قوات العدو التقدم، اندلعت اشتباكات عنيفة شارك فيها أبو أحمد مع إخوانه واستمرت ليومين متتاليين عجزت فيها القوات المهاجِمة عن اقتحام المكان على الرغم من الأعداد الكبيرة لقوات العدو المشاركة في العملية، حيث كان المجاهدون قد أحسنوا إحاطة المنطقة بالألغام والعبوات الناسفة وهو ما ساهم في إعاقة تقدم القوات البرية، كما كان لأبي أحمد تقبله الله دور خاص في هذه المعركة حيث كان يرمي على العدو من بندقية قنص حتى أرهق قواتهم وأبطأ تقدمهم، وقد أقرَّ بعض جنود قوات (مكافحة الإرهاب) الرافضية بتعرُّضهم لنيران قناص أربك تحركاتهم خلال الاشتباكات.


وبعد فشلهم في المواجهة الميدانية اضطروا في النهاية كعادتهم إلى قصف المنطقة بالصواريخ الثقيلة لإنهاء أمد المعركة التي طالت وخالفت توقعاتهم، ليُقتل أبو أحمد مع عدد من إخوانه الأبطال -تقبلهم الله- خلال هذه المعركة البطولية التي أخفى فيها الرافضة مشاركة القوات الأمريكية بينما كان الطرفان يحتميان جنبا إلى جنب خلف الصخور والمدرعات، بحسب شهادة عدد من المجاهدين الذين خاضوا المعركة واستطاعوا الانحياز إلى مواقع آمنة ليرووا لنا بعض فصول هذه الملحمة التي سطّرها جنود الخلافة في ولاية العراق ويسطرها جنود الخلافة كل يوم في كل مكان.


لقد رحل أبو أحمد -تقبله الله- بعد أن قدّم قدوة حيّة لسائر الباحثين عن طريق للهجرة، الساعين إلى اللحاق بركب الخلافة؛ أنْ أعدّوا ليوم نفيركم، واصدقوا الله تعالى يصدقكم ويبلغكم سبيل الرشاد وأرض الجهاد في الدنيا، ومراقي ومنازل الشهداء في الآخرة، ولكل مجتهد نصيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفريغ من إعداد: موقع إعلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
|| قصة شهيـد ||
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنارة :: منتديات المنارة الشرعية :: من عبق السيرة والتاريخ-
انتقل الى: